" على العاقل، وقد علم أنه محاسب على أفعاله، وعلى آثار أقواله، أن لايفعل فعلا، ولا يقول قولا، حتى يتظر في عواقبه، فقد تكون تلك العواقب أضرّ عليه من أصل القول أو أصل الفعل، فقد يقول مرَّةً ويفعل الفعل مرَّةً، ثم يقتدي به فيه آلافٌ عديدةٌ في أزمنة متطاولة.
حقاً إنّ هذا لشيءٌ تنخلع منه القلوب، وترتعدُ منه الفرائصُ، وصدق القائل من السلف رضي الله عنهم: (السعيد من ماتت معه سيئاته) ".اهـ
---
(12). [ميزان .. ]
قال-رحمه الله- عند قوله تعالى {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}:
" عندما يختلف عليك الدعاة الذي يدَّعي كلٌّ منهم أنه يدعوك إلى الله تعالى، فانظر من يدعوك بالقرآن إلى القرآن - ومثله ما صح من السنة لأنها تفسيره و بيانه، فاتَّبعه لأنه هو المتبع للنبي - صلى الله عليه وسلم - فدعوته وجهاده بالقرآن، والممثل لما دلت عليه أمثال هذه الآية الكريمة من آيات القرآن".اهـ
---
(13). [نعمة ومنقبة]
وقال-رحمه الله- عند قوله تعالى {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}:
" قد سمَّى الله تعالى الجهاد بالقرآن جهادا كبيراً، وفي هذا منقبة كبرى للقائمين بالدعوة إلى الله بالقرآن العظيم، وفي ذلك نعمة عظيمة من الله عليهم حيث يسَّرهم لهذا الجهاد حتى ليصح أن يسموا بهذا الاسم الشريف (مجاهدون)، فحقٌّ عليهم أن يقدِّروا هذه النعمة، ويؤدوا شكرها بالقول والعمل، والإخلاص والثبات، والصبر واليقين.
جعلنا الله والمسلمين منهم، وحشرنا في زمرتهم أجمعين".اهـ
---
(14) [بيان طائفتين: (الفارة من الله، والفارة إليه)]
قال-رحمه الله- عند قوله تعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}:
" إذا رأينا طائفتين من المؤمنين تنازعتا:
فأما إحداهما فالتجأت إلى السلطان تستغيثه، وتستعين به، وتحطب في حبله، فأغاثها، وانتقم لها، وأمدّها، وقرّبها، وأدناها!.
وأما الأخرى فلم تستغث إلاّ بالله، ولم تستنصر إلاّ به، ولم تعتمد إلاّ عليه، ولم تعمل إلاّ فيما يرضيه من نشر هداية الإسلام، وما فيها من خير عام لجميع الأنام، وتحمّلت في سبيل ذلك كل ما تسببت لها فيه الطائفة الأخرى، ومن تولته وهربت إليه.
إذا رأينا هاتين الطائفتين عرفنا منهما - يقينا - الفارَّة من الله، والفارة إليه، فكنا - إنْ كُنّا مؤمنين- مع مَن فر إلى الله".اهـ
---
(15). [لزوم توحيد الله في الفرار إليه]
قال-رحمه الله- عند قوله تعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}:
" ولا تجعلوا في فراركم إلى الله شيئا معه من مخلوقات تعتمدون عليه وتلتجئون إليه، فتكونوا قد أشركتم به سواه، فإني أحذركم ما في ذلكم من هلاككم بالشرك الذي لا يقبل الله معه من عمل، وإنني قد أبنت لكم لزوم توحيده في الفرار إليه كما بينت لكم لزوم ذلك الفرار".اهـ
---
(16). [الإمامة في الدين]
قال-رحمه الله- عند قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَقُولُونَرَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍوَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}:
" كان الأعرابي الجاهل المشرك يأتي للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيؤمن بهويصحبه، يتعلم منه الدين، وياخذ عنه الهدى، فيستنير عقله بعقائد الحق، وتتزكى نفسه بصفات الفضل، وتستقيم أعماله على طريق الهدى، فيرجع إلى قومه هاديا مهديًّا، إماما يُقتدى به ويُؤخذ عنه، كما اقتدى هو بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخذ عنه.
فعلى كل مؤمن أن يسلك هذا السلوك فيحضر مجالس العلم التي تذكِّره بآيات الله وأحاديث رسوله ما يصحح عقده، ويزكي نفسه، ويقوِّم عمله، وليطبق مايسمعه على نفسه، وليجاهد في تنفيذه على ظاهره وباطنه، وليداوم على هذا حتى يبلغ إلى ما قدّر له من كمال فيه، فيرجع وهو قد صار قدوة لغيره في حاله وسلوكه.
وطلبة العلم الذين وهبوا نفوسهم لله، وقَصَروا أعمارهم على طلب العلم، لدعوة الخلق إلى الله، هم المطالَبون على الأخص بهذا السلوك، ليصلوا إلى إمامة الحق وهداية الخلق، على اكمل حالة ومِن أقرب طريق.
فاللَّهم وفقنا واهدنا إلى سنة نبينا إذا اقتدينا وإذا اقتُدِيَ بنا. آمين يا رب العالمين".اهـ
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[15 Aug 2010, 08:06 م]ـ
¥