تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا نحسب شبهة ترد على الاسلام إلاَّ وفي القرآن العظيم ردُّها بهذا الوعد الصادق من هذه الآية الكريمة.

فعلينا عند ورود كل شبهة من كل ذي ضلالة أن نفزع إلى آي القرآن، ولا أخالنا إذا أخلصنا القصد وأحسنا النظر إلاَّ واجديها فيها، وكيف لاتجدها في آيات ربنا التي هي الحق وأحسن تفسيرا؟ ".اهـ

---

(55). [الاقتداء بكتاب الله-جل وعلا-في مقام الحجاج والارشاد]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً}:

"ولنقتد بالقرآن فيما نأتي به من كلام في مقام الحجاج أو مقام الإرشاد، فلنتوخ دائما الحق الثابت بالبرهان أو بالعيان، ولنفسره أحسن التفسير، ولنشرحه اكمل الشرح، ولنقربه إلى الأذهان غاية التقريب، وهذا يستدعي صحةالإدراك، وجودة الفهم، ومتانة العلم، لتصور الحق ومعرفته، ويستدعي حسن البيان، وعلوم اللسان، لتصوير الحق وتجليته والدفاع عنه.

فللاقتداء بالقرآن في الإتيان بالحق وأحسن بيان، علينا أن نحصل هذه كلها ونتدرب فيها ونتمرن عليها حتى نبلغ إلى ما قدر لنا منها.

هذا ما على أهل الدعوة و الإرشاد وخدمة الإسلام والقرآن.

فأما ما على عموم المسلمين من هذا الاقتداء: فهو دوام القصد إلى الإتيان بالحق، وبذل الجهد في التعبير بأحسن لفظ وأقربه، ومن أخلص قصده في شيء وجعله من وكده أعين-بإذن الله تعالى-عليه".اهـ

---

(56). [الجهاد بالقرآن العظيم]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}:

"كما لايجوز طاعة الكافرين في شيء مما يمليه عليهم كفرهم، كذلك لاتجوز طاعة العصاة في شيء مما تمليه عليهم معصيتهم، لأن الجميع فيه مخالفة لدين الله.

وكما يجاهد أهل الكفر بالقرآن العظيم الجهاد الكبير، كذلك يجاهد به أهل المعصية لانه كتاب الهداية لكل ضال، والدعوة لكل مرشد.

وفي ذكر الكافرين تنبيه على العصاة، من التنبيه بالأعلى على الأدنى، لاشتراكهم في العلة، وهي المخالفة".اهـ

---

(57). [اجتانب طاعة الكفار وجهادهم بالقرآن]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}:

"ما كان للنبي-صلى الله عليه وسلم-ليطيع الكافرين، وإنما جاء هذا النهي تهييجا له على تمام مخالفتهم ومعاكستهم في جميع مناحي ومظاهر كفرهم، والخطاب وإن كان له، فالحكم شامل لأمته.

فلا يجوز لمسلم أن يطيع كافراً أو عاصياً في أي شيء من نواحي الكفر ونواحي المعصية.

وكما أن الجهاد بالقرآن العظيم هو فرض عليه، فكذلك هو فرض على أمته هكذا على الإجمال، وعند التفصيل تجده فرضاً على الدعاة والمرشدين الذين يقومون بهذا الفرض الكفائي على المسلمين.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم-قدوة لأمته فيما اشتملت عليه الىية من نهي وأمر".اهـ

---

(58). [الميزان عندما يختلف عليك الدعاة!]

وقال-رحمه الله-عند قوله تعالى {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}:

"عندما يختلف عليك الدعاة الذين يدَّعي كلٌّ منهم أنه يدعوك إلى الله تعالى، فانظر من يدعوك بالقرآن إلى القرآن -ومثله ما صح من السنة لأنها تفسيره وبيانه، فاتَّبعه لأنه هو المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده بالقرآن، والممثل لما دلت عليه أمثال هذه الآية الكريمة من ايات القرآن".اهـ

---

(59). [فقه لغوي في تعاقب الليل والنهار] قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي جَعَل َاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً}:

"اختيرت لفظة الخِلفة هنا لدلالتها على الهيئة، فتكون منبهة على هيأة هذا الاختلاف بالطول والقصر المختلفين في جهات من الأرض، وذلك منبه على أسباب هذا الاختلاف من وضع جرم الأرض وجرم الشمس، وذلك كله من آيات الله الدالة عليه.

وبتلك الهيأة من الاختلاف المقدر المنظم عظمت النعمة على البشر، وشملتهم الرحمة، فكانت هذه اللفظة الواحدة منبهة على ما في اختلاف الليل والنهار منىية دالة، ومن نعمة عامة، وهكذا جميع ألفاظ القرآن في انتقائها لمواضعها".اهـ

---

(60). [فقه قرآني في: (الإرادة، الفكر، العمل)]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً}:

"حياة الإنسان من بدايتها إلى نهايتها مبنية على هذه الأركان الثلاثة: الإرادة، والفكر، والعمل.

وهي المذكورات في هذه الآية؛ لأن التذكر بالتفكر، والشكر بالعمل.

فاستفادة الإنسان مما خلقه الله له وجعله لأجله لا تكون إلاَّ بهذه الثلاثة.

وهذه الثلاثة متوقفة على ثلاثة أخرى لا بد للإنسان منها: فالعمل متوقف على البدن، والفكر متوقف على العقل، والإرادة متوقفة على الخلق.

فالتفكير الصحيح من العقل الصحيح، والإرادة القوية من الخلق المتين، والعلم المفيد من البدن السليم.

فلهذا كان الإنسانُ مأموراً بالمحافظة على هذه الثلاثة: عقله وخلقه وبدنه، ودفع المضار عنها، فيثقف عقله بالعلم، ويقوّم أخلاقه بالسلوك النبوي، ويقوى بدنه بتنظيم الغذاء وتوقي الأذى والتريض على العمل".اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير