ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[15 Aug 2010, 09:10 م]ـ
(61). [واجب القائد والزعيم]
قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوام َسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ}:
"هذه النملة هي كبيرة النمل، فقد كان عندها من قوة الإحساس ما أدركت به الخطر قبل غيرها فبادرت بالإنذار.
فلا يصلح لقيادة الأمم وزعامتها إلاَّ من كان عنده من بُعد النظر، وصدق الحدس، وصائب الفراسة، وقوة الإدراك للأمور قبل وقوعها، ما يمتاز به عنغيره، ويكون سريع الإنذار بما يحسّ وما يتوقع".اهـ
---
(62). [نملة وفت لقومها! (عظة بالغة)]
قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ}:
"هذه نملة وفت لقومها، وأدت نحوهم واجبها، فكيف بالإنسان العاقل فيما يجب عليه نحو قومه!
هذه عظة بالغة لمن لا يهتم بأمور قومه ولا يؤدي الواجب نحوهم، ولمن يرى الخطر داهما لقومه فيسكت ويتعامى، ولمن يقود الخطر إليهم ويصبه بيده عليهم.
آه .. ! ما أحوجنا -معشر المسلمين-إلى أمثال هذه النملة! ".اهـ
---
(63). [آية في نظام الجندية تاريخ وقدوة]
قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}:
"تفيدنا الآية بصورة تامة لنظام الجندية في ملك سليمان، فقد كان الجنود يُسرَّحون من الخدمة، ويجمعون عند الحاجة، وكانت أعيانهم معروفة مضبوطة، وكانت لهم هيئة تعرفهم وتضبطهم وتجمعهم عند الحاجة، وكان لهم ضباط يتولون تنظيمهم، وكان النظام محكماً لضبط تلك الكثرة، ومنعها من الاضطراب والاختلال والفوضى.
تعرض علينا الآية هذه الصورة التاريخية الواقعية، تعليما لنا، وتربية على الجندية المضبوطة المنظمة.
ولا شك أن الخلفاء الأولين قد عملوا على ذلك في تنظيم جيوشهم، وأن مثل هذه الآية كان له الأثر البليغ الشريع في نفوس العرب لما أسلموا، فسرعان ماتحوّلوا إلى جنود منظمة مما لم يكن معروفا عندهم في الجاهلية.
وبقيت الآية على الدهر مذكِّرةً لنا بأن أساس كُلِّ مجتمع واجتماع، وأن القوى والكثرة وحدهما لا تغنيان بدون نظام، وأن النظام لا بد له من رجال أكفاء يقومون به ويحملون الجموع عليه، وأولئك هم الوازعون".اهـ
---
(63). [توجيه]
قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْر ِوَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}:
"ذكر سليمان-عليه السلام-منطق الطير، وهو قد علم منطق غير الطير أيضا، فقد فهم نطق النملة، ذلك لأن الحيوانات غير الإنسان مراتب: الزاحفة، والماشية، والطائرة، وأشرفها الطائرة، فاقتصر على الطير تنبيها بالأعلى على الأدنى".اهـ
---
(64). [فقه وأدب في مقام الفرح بنعمة الله تعالى]
قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}:
"يجوز لمن أنعم الله عليه بنعمة وفضّله بفضيلة أن يفرح بتلك النعمة، ويظهر فرحه بها في معرض حمد الله عليها، من حيث أنها كرامة من الله، لا من حيث أنها مزية من مزاياه فاق بها سواه، مثلما فعل هذان النبيان الكريمان، وكماقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ}.
وكثيرا ما يكون التفات المرء إلى نفسه حاجبا له من غيره، فيذكر من شأنه ما أفرحه ويسكت عن غيره، وفيهم من هو مثله ومن فوقه، فقد يجرّ هذا إلى عُجب بنفسه وغمط من عداه.
فلهذا كان من أدب مقام الفرح بنعمة الله وحمده عليها ذكرث نعمته العامة عليه وعلى غيره، والإشارة إلى من فُضِّلوا عليه، فيكبح من نفسه بتذكيرها بقصورها، ويُرضي اللهَ باعترافه لذي الفضل بفضله، وحكمة الله وعدله، وبوقوفه كواحد ممن أنعم عليهم من عباده".اهـ
---
¥