تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1 - 3 - النفس المطمئنة: نفس راضية استسلمت لخالقها برضا وقناعة، لا تفعل إلا ما تيقن لها صلاحه، نفس تحقق لها الورع والاخلاص، وسمت عن الدنيا وشهواتها، واشتغلت عنها بعمارة عالم الآخرة الباقية الخالدة المحددة في قوله تعالى:" فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين". (السجدة/17)، نفس استحقت الذكر والتمجيد في قوله تعالى:" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ". (الفجر /27.).

2 - مفهوم الضبط والانضباط: الارتقاء بالنفس والنهوض بها باعتبار طبيعتها التغييرية، يحتاج الى ضبط وانضباط خاصين، يستمدان أصولهما من كتاب الله، الذي تحدث عن مراتب النفس، وبينه من خلال سوره وآياته. وقبل تحديد ذلك نحتاج الى بيان مفهوم الضبط والانضباط.

فالضبط هو لزوم الشيء وحبسه، والضابط هو الذي يلازم ما يضبطه، ويصبر نفسه معه حفظا وحزما، والأضبط الذي يعمل بيديه جميعا، و" ضبط " فعل يتعدى بنفسه، بمعنى أن له فاعلا ومفعولا، فالفاعل هو الضابط والمفعول هو المضبوط، أي الموضوع والمجال، الذي يقع فيه أو به أو عليه الفعل والعملية الضبطية. [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1) فإذا انصرف المعنى الى ضبط النفس وانضباطها دل على حبس النفس عن الشر وإلزامها بالخير مع الصبر عليها والحزم معها. وهو ما أطلق عليه علماء التربية بتزكية النفس في مقابل تدسيتها.

وقد أقسم الحق سبحانه أقساما سبعة في مطلع سورة الشمس على أن المفلح من زكى نفسه والخاسر من دساها فقال:" والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء ما بناها والارض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ". (الشمس/1 - 10. (.

والمقصود بالتزكية هنا، طهارة النفس أو تطهيرها وتنظيفها، مخالفا للدس الذي هو كناية عن الإغراق في الوسخ والأوحال. ولا يعني ذلك أبدا التزكية مطلقا لما تعترضها من سلبيات مثل: الاستعلاء والتكبر والترفع الذي نهى الله تعالى عنه كما في قوله:" ألم تر الى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ". (النساء/49.).

والقرآن هو طب النفوس باعتباره روح الروح ونور البصيرة، به يتحقق الضبط والانضباط، كما قال تعالى:" وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ". (الشورى/52.)

والنور يضيء ويبين الأمراض، ويهدي الى طريق الصواب، ولا يتم ذلك إلا بتحديد أمراض النفس المهلكة التي سطرها القرآن، من أجل تقديم الدواء الناجع لها من آياته وسوره العظام.

والنفس البشرية معرضة لآفتين لا ثالث لهما ذكرهما القرآن، وبمعرفتهما يستعان على تحقيق الضبط والانضباط لنفس الانسان الخطأ والنسيان. وهما مستمدان من آية يعلمنا فيها الخالق أن ندعوه ونسأله عدم المؤاخذة فيهما في قوله تعالى: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ". (البقرة/.285)

حيث إن أول معصية وقعت في الكون من طرف الانسان كانت بسبب النسيان، لقوله تعالى:" ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ". (طه/115) .. وسبب ذلك وسوسة الشيطان كما قال تعالى:" فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى" (طه/120). ووساوس الشيطان لا تنتهي، كيف وقد أقسم بعزة الرحمان أن يغرر بالانسان ويوقعه في جملة من المعاصي والآثام. حيث ذكر القرآن على لسانه:" قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " (الأعراف/17). وقوله: " وقال لأتخذ من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله، ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ". (النساء/119). والهدف هو أن يقع الانسان في نسيان ذكر الله كما قال تعالى:" استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ". (المجادلة /10.).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير