فلأن كل كمال ديني أو دنيوي عاجلي أو آجلي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله.". [5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5).
ونظرا لكل هذا وغيره، ارتأيت النظر في بعض أمهات الكتب بحثا عن الأثر التفسيري أينما وجد، لعلي أسهم واسعا مع الباحثين في المجال، فأقدم لهم قراءة تفيد وتغني عن التنقيب غير الممنهج.
وهذا العمل هو جهد شخصي فردي، سبق إعدادي لأطروحة الدولة التي قدمتها سنة 2002 م بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس المعنونة ب: " مدرسة مكة في التفسير، جمع وتحقيق ودراسة ".
وقد اندفعت لهذا العمل الخاص انطلاقا من إشارات علمية بدت لي أثناء السير، أهمها اتصالي بكتب التراجم أثناء البحث والتنقيب عن موضوع يصلح للبحث، وثانيها: اتصالي بكتاب الدر المنثور للسيوطي منذ السنوات الأولى في دراستي الجامعية.
وقد استفدت من هذا الجهد الشخصي الشيء الكثير، وبعد أن قرأت دعوة مجلة الامام الشاطبي عبر الشبكة العنكبوتية، قررت أن أعيد النظر فيه، تحقيقا وتنظيما وتحليلا، وأنا الآن أقدمه للدارسين عسى أن يكتب في صحيفتي يوم الدين، أنال به الأجر عند رب العالمين، والدعاء الصالح من الباحثين الخيرين.
وقد تبين لي بعد لأي، أن الحديث عن الموجود من التفسير الأثري، يبدأ بالبحث عن النص المأثور، أين يمكن إيجاده؟ هل في كتب التفسير المطبوعة المشهورة؟ مثل: جامع البيان للطبري، ت:310هأو تفسير ابن أبي حاتم الرازي، ت:337هـ، أو تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ت:774هـ، أو غيرها من الكتب؟ أو في المخطوط منها؟.
ليثار السؤال الطبيعي،أين هي هذه المخطوطات؟ ما هي قيمتها العلمية؟ أسئلة كثيرة يمكن أن يضعها كل راغب في البحث عن النص الأثري دون أن يجد لها الجواب الشافي.
وإذا تجاوزنا كتب التفسير المطبوع منها والمخطوط،ألا يمكن البحث عن النص الأثري في غير ما ذكر؟.
إنها إشكالية عسيرة الحل، ولكن باختصار أقول: في كل هذا يبحث عن النص الأثري، في المطبوع والمخطوط من الكتب المتنوعة المعارف سواء كانت تفسيرية أم حديثية، فقهية أم أصولية، أدبية أم تاريخية.
إذ ما يعترف به كل مطلع منصف - ويجب أن يعترف بذلك - هو أن السابقين أودعوا لنا في مؤلفاتهم حقائق وحِكما ما كنا لنعرفها لولا تدوينهم لها، كما أعلن ذلك الجاحظ منذ القدم فقال: " لو ما أودعت لنا الأوائل في كتبها، وخلدت من عجب حكمتها من أنواع سرها حتى شاهدنا بها ما غاب عنا، وفتحنا بها كل مستغلق كان علينا، فجمعنا إلى قليلنا كثيرهم، وأدركنا ما لم ندرك إلا بهم لقد خس حظنا من الحكمة وضعفت سبلنا إلى المعرفة " [6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)..
وما يثبت هذا القول عمليا بحثان أضعهما بين يدي كل مهتم وقارئ.
أولا: استقراء من نسب إليهم تفسير من خلال ما اشتهر من كتب التراجم:
يتعلق هذا العمل بتقديم جرد مفصل لأسماء العلماء الأوائل الذين اشتهروا بالتفسير أو ألفوا في التفسير، أو نسب لهم تفسير، أو أملوا تفسيرا، واستقراء ما ذكر حول المفسرين وكتب التفسير، من بطون عديد من المصنفات التي تهتم بتراجم الرجال مثل:
طبقات المفسرين للسيوطي، وطبقات المفسرين للداودي، والفهرست لابن النديم، وتهذيب التهذيب لابن حجر، ومعجم المؤلفين لرضا كحالة، والطبقاتالكبرى لابن سعد، والتفسير والمفسرون للذهبي.
لأثير بعد ذلك السؤال الطبيعي أين هي تفاسير من ذكرهم هؤلاء ضمن المؤلفين في التفسير أو المسهمين فيه بنوع، أو نسب إليهم في هذا الموضوع شيء من التفسير، مرتبا ذلك ترتيبا تاريخيا؛ أي بحسب سنة وفاتهم ..
ولعله من نافلة القول التأكيد على أن كتب التراجم كتبت في قديم التاريخ ووسيطه وحديثه، لأن الأشخاص هم العقل العالم والوجدان المتفنن، فهم الحياة في التاريخ ولم لا هم التاريخ الحي؟ وما عدا الأشخاص من الدول والآثار والأعمال والعقائد إلا التاريخ الصامت، بل الميت إذا لم يعرف الأشخاص الذين نفخوا في كل ذلك من روحهم، فكأنما كل ما كتب من التاريخ ليس إلا سطورا في ترجمة الأشخاص الذين صنعوا أحداثه ووقائعه. ومن هؤلاء:
¥