وقد لخص النبي الأمين هذه الآيات بحديث صحيح صريح فقال فيما رواه عنه الصحابي الجليل عبد الله بن عمر:" تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله ". [5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5) وهي دعوة صريحة للتأمل فيما ينفع ويدفع لتقوية الإيمان وإلى التوصل إليه.
4 - إعجاز القرآن والايمان " أية علاقة ". تعتبر العلاقة بين المفهومين أوضح من أن توضح، فالعلم يدعو الى الايمان، بل ويوصل صاحبه إليه، والايمان محله القلب، والقلب يستمع لحوار العقل، والعقل الناضج الحر كلما صال وجال في مكونات النفس والآفاق، اقترب من نداء الفطرة والايمان.
فكل البشرية مؤمنة بالواحد الديان، وكلهم لبوا نداء الفطرة وهم في أصلاب آدم عليه السلام، مصداقا لقوله تعالى:" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بريكم قالوا بلى ". [6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6). لكن متغيرات الحياة وسيطرة الماديات، تبعد الانسان عن النظر بالبصيرة النقية، والتأمل بالفكر الوهاج بحثا عن الاطمئنان الداخلي والنفسي، ألم يقل إبراهيم عليه السلام لربه:" رب أرني كيف تحيي الموتى". فرد عليه الحق سبحانه:" أو لو تومن؟ ". فقد تأمل إبراهيم في سر الموت وما استطاع التوصل إلى كنهه، فسأل ليتعلم وليزداد إيمانا بقدرة القادر، وقد حاول علماء اليوم البحث عن سر الموت، فما وصلوا ولن يصلوا، لأنه سر إلهي في خلقه ولخلقه.
لهذا أقول: بأن العلم الوارد في الآيات المعجزة، هو المقود للكثيرين الى درب الايمان بمنزل الكتاب، وخصوصا لمن يبحث ويقرأ وينقب.
قال عبد الله دراز:" والقرآن في دعوته إلى الايمان والفضيلة لا يسوق الدروس من التعاليم الدينية والأحداث الجارية وحدها، وإنما يستخدم في هذا الشأن الحقائق الكونية الدائمة، ويدعو عقولنا الى تأمل قوانينها الثابتة، لا بغرض دراستها وفهمها في ذاتها فحسب، وإما لأنها تذكر بالخالق الحكيم القدير، ونلاحظ أن هذه الحقائق التي يقدمها تتفق تماما مع آخر ما توصل إليه العلم الحديث ". [7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7)
وقال السيوطي رحمه الله: " ... أكثر معجزات هذه الأمة عقلية، لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة، خصت بالمعجزة العقلية ليراها ذوو البصائر ". [8] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn8)
ويقول مصطفى صادق الرافعي رحمه الله بعد أن تحدث عن الاعجاز العلمي في القرآن الكريم: " ولعل متحققا بهذه العلوم الحديثة لو تدبر القرآن وأحكم النظر فيه، وكان بحيث لا تعوزه أداة الفهم، ولا يلتوي عليه أمر من أمره، لاستخرج إشارات كثيرة تومئ إلى حقائق العلوم، وإن لم تبسط من أنبائها فتدل عليها، وإن لم تسم بأسمائها". [9] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn9).........
ثانيا: بعض مظاهر إعجازالقرآن العلمية؛ الحاجة والأثر:
1 - حاجة إنسان اليوم إلى لغة العلم: إننا لو تأملنا واقع الانسانية المعرفي، وما قام بإبرازه العلم من معجزات في عالم التقنيات، وما جُعل رهن إشارة الباحثين من مستحيلات سابقة، لعلمنا التطور السريع للمعارف والعلوم، ولفهمنا لماذا اتجه العلماء بعد ذلك للانسان وجسده، حيث تمكنوا من كشف العديد من الأسرار المتعلقة بالذات البشرية وصحتها ومرضها.
لكن غاب عن هؤلاء العلماء أو عن بعضهم، بل غاب عن حضارة الغرب -جلها إن لم نقل كلها - الجانب الروحي المبني على قواعد الأخلاق والفضائل، لأنهم في بحوثهم ومعارفهم أعلوا من شأن العقل والعلم وحكموا العقل في القلب، كما حكموا العلم في الدين، لتنتج فوضى عارمة أدت الى انحراف العلم عن صوابيته، فأصبح بدلا من أن يخدم الحضارة البشرية، يسعى لخرابها والقضاء عليها، لتصبح القوة هي المعيار تقدم الأمم وعظمتها. ولو تدخل القلب، واتجهت آلة العلم نحو البناء والخير والكمال لارتفع شأن البشرية.
¥