تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهكذا يظهر بكل جلاء أن العلم وحده غير كاف لنهضة البشرية، بل يحتاج الى أن يحاط بسياج من الأخلاق البانية، وهذا هو دور أمة الاسلام، وهذا هو دورها الرسالي. ألم يقل رسولها في حديث جامع شامل: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". [10] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn10)

فمن المسلم به أن إنسان اليوم محتاج لمن يعيد إليه فطرته المسلوبة، وسعادته المفقودة، محتاج الى اكتساب قناعات مبنية على حقائق علمية، لأنه ليس هناك شيء أفيد للانسان من قناعات تحقق له اليقين. وكتاب الله أفضل من يمنح بإعجازه المبين بعض هذه الحقائق، فلماذا لا تتحرك الأمة في شخص متخصصيها لإنقاذ إنسان اليوم من تيهانه، ومحاولة استرجاع يقينه المسلوب والمفقود.

إن الايمان الحقيقي هو الايمان القائم على الاقتناع، ولا اقتناع دون علم، فالعلم هو الشيء الوحيد الذي يؤمن به أبناء اليوم، ولإيصال هذا الفهم لغير المسلمين بل وللمسلمين أنفسهم، لابد من مخاطبتهم بلغة العصر، اللغة التي أصبحت تفهم أكثر من غيرها، لغة العلم.

وإذا كان الغرب قد قطع أشواطا في ميدان العلم التجريبي، فليس يفوت المسلمين أن يقدموا للعالم شواهد علمية نطق بها القرآن، وعنها أبان بأفصح بيان قبل أربعة عشر قرنا، بل لقد كشف عنها بعض علماء الغرب أنفسهم فأذهلتهم النتائج والحقائق، بل ولا يزال في جعبة النصوص المعجزة ما سيدهش الانسان الباحث حينما يميط عن أسرارها اللثام. أليس الإله العظيم هو من قال: " ولتعلمن نبأه بعد حين ". [11] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn11)

نعم، إن اللغة المطلوبة اليوم هي لغة العلم، وهي اللغة التي يرتضيها علماء الغرب والانسان الغربي، وهذا ما أكده الأستاذ عبد المجيد الزنداني في المؤتمر الدولي عن الاعجاز الطبي في القرآن الذي عقد بالقاهرة عام 1985م، حيث نقل كلاما قاله مذيع إذاعة لندن بعد انتهاء المؤتمر:" لأول مرة يتمكن علماء الاسلام من التحدث لعلماء الغرب بلغة يفهمونها ". [12] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn12)

إن العصر الذي نحياه، لا تكفي فيه الخطب والمواعظ العاطفية –دون أن ننكر أهميتها ودورها- بل لابد من مخاطبة العقل بجانب ذلك. وهذا ما نص عليه القرآن وجعله منهاجا له في مخاطبة الناس، فكان مما قال:" أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الارض كيف سطحت". [13] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn13) ويقول:" أمن جعل الارض قرارا، وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزا، أإله مع الله، بل أكثرهم لا يعلمون " [14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn14). بل وخاطب الانسانية جمعاء ودعاهم الى التأمل والبحث والتنقيب فقال: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ". [15] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn15) وأكد هذه الدعوة في آية أخرى فقال: " وقل الحمد لله، سيريكم آياته فتعرفونها ". [16] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn16)

وهذا يعني ضمن ما يعنيه أن هذه الآيات ستتكشف يوما بعد يوم بالبحث العلمي.

إن مثل هذا النوع من البحث في الاعجاز العلمي للقرآن الكريم يحفظ على البشرية فطرتها، ويحفظ أبناء المسلمين من الارتماء في أحضان الإلحاد أو العبثية المدمرة، كما يعجز الالحاد أن يجد موضعا للتشكيك فيه إلا أن يتبرأ من العقل، وهذا لا يمكن لعاقل أن يقبله.

2 - نداء الفطرة وإعجاز الآيات: لن نستطيع الغوص في القرآن للكشف عن كل آياته المعجزة، ولن نستطيع استقراء ما توصل إليه العلماء من اكتشافات علمية اكتشفت حديثا ووجد أصلها في القرآن، كما لا نستطيع أن نستوعب من تأثر بهذه الآيات الباهرة، لندلل على علاقة الاعجاز بالايمان بالواحد الديان؛ فهذا عمل أكبر من هذه الورقات، ولا تستوعبه العروض ولا المحاضرات، ولكن بحسبي أن أذكر بالمشهور دون المغمور، وأذكر بالمعلوم بدل المجهول.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير