قال تعالى: ?وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون?. النحل/44. وقال صلى الله عليه وسلم:" لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه المر كما أمرت به أو نطيق عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ". [16] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn16) وقال الشافعي:" وسنة رسول الله مبينة عن الله معنى ما أراد دليلا على خاصه وعامه، ثم قرن الحكمة بها بكتابه فأتبعها إياه ولم يجعل هذا لأحد من خلفه غير رسوله ". [17] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn17)
وقد وقع خلاف بين العلماء حول المقدار الذي بينته السنة، أكان شاملا أم جزئيا؟. والمتأمل لأدلة الفريقين لا تخفى عليه مغالات الطرفين.
فالرسول عليه الصلاة والسلام وإن كان مأمورا بالبيان لم يؤمر ببيان الكل، بل كان يبين بعض المغيبات التي أخفاها الله على المسلمين وأطلعه عليها وأمره ببيانها لهم، كما فسر لهم بعض ما يدفع إلى الاجتهاد كبيان المجمل، وتخصيص العام، وتوضيح المشكل، وما إلى ذلك من كل ما خفي معناه والتبس المراد به.
وبحكم ارتباط السنة بالكتاب ارتباط المبيَن بالمبين، كان للسنة عدة أوجه في هذا البيان، حددها الأصوليون في ثلاثة أنواع.
قال الشافعي:" لم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن سنن النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة وجوه: أحدهما: ما أنزل الله فيه نص كتاب، فبين رسول الله مثل ما نص الكتاب، والآخر: ما أنزل الله فيه جملة كتاب، فبين عن الله معنى ما أراد، وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما، والثالث: ما سن رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب ". [18] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn18)
*- تفسير الصحابة: من المعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم وخاصة العلماء منهم كانوا أعلم الناس بكتاب الله وبتفسيره، فبلغتهم نزل وقد عرفوها وفقهوا ألفاظها وأساليب تعبيرها بالإضافة إلى ما شاهدوا من القرائن والأحوال التي رافقت نزول الوحي مما يجعل فهمهم أدق وأتم.
من هذا اعتبر تفسير الصحابة من الأصول النقلية الثابتة التي يجب الرجوع إليها حتى لا يجانب الصواب.
وقد وقع خلاف بين العلماء حول قبول تفسير الصحابي وحجيته بحيث ذهبوا جميعا إلى قبوله إذا كان في المسائل النقلية الصرفة التي لا مجال للرأي فيها. أما إذا دخل في الاجتهاد، فإن جمهور الأصوليين ذهبوا إلى عدم اعتباره حجة في المسائل الاجتهادية [19] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn19).
يقول الزركشي: "ينظر في تفسير الصحابين فإن فسره من حيث اللغة فهم أصل اللسان فلا شك في اعتماده، وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك". [20] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn20).
كما يعضد ما ذهب إليه هؤلاء، ما أشار إليه ابن قيم الجوزية من وجوب اتباع أقوال الصحابة والاعتداد بها معللا ذلك بخمسة أوجه. [21] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn21)
وقال بعد شرحها بأن هناك وجها سادسا وهو: " أن يكون فُهم ما لم يرده الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأخطأ في فهمه، والمراد غير ما فهمه، وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجة ". [22] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn22)
وحتى في اجتهادهم تباينت الآراء، فمن العلماء من ذهب إلى عدم الأخذ به لكون المجتهد يخطئ ويصيب، والصحابة يجتهدون.
ومنهم من ذهب إلى الأخذ به مدللا ذلك بظن سماعه له عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولأنهم إن فسروا برأيهم، فرأيهم أصوب لدرايتهم بكتاب الله.
أما في حالة تعارض أقوال الصحابة مع بعضهم في تفسير بعض الألفاظ أو اختلافهم في ذلك اختلاف تنوع، فإن أمكن الجمع فذاك، وإن تعذر ذلك ينظر في دليل كل واحد منهم، ويؤخذ بأقوى الأدلة في حدود ضوابط الترجيح المعروفة عند العلماء. [23] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn23)
3- الأصول العقلية: هي الأصول الثالثة من أصول التفسير وتشكل أصلا ثابتا، يعبره كل من يرغب في الوصول إلى كنه معاني الكتاب بواسطة ما وهبه الله من نعمة العقل يستعين به على الاجتهاد.
¥