وهكذا المصاحف الباكستانية لأن المصاحف الباكستانية تزيد علة أخرى وهي أنها كتبت بخط (معفرت) لا أعده خطاً عربياً بل هو خط هندي لا هو بالنسخ ولا هو بالرقعة ولا هو بالثلث، فأفسدوا الخط مع إفساد الرسم وأوضحُ مثالٍ لهذا، المصاحف التي طبعت في تاج كمبني كما يقولون وتفننوا في تجليدها وفي فخامتها ولكن خربوا الخط وخربوا الرسم، وأنا لا أنصح الحفاظ إذا احتاجوا إلى المراجعة أن يراجعوا في أي من هذه المصاحف.
3 - شبكة تفسير: شيخنا هناك مصحف يسمى مصحف الشيخ رضوان المخللاتي ماذا تعرفون عنه وما سبب عدم الشهرة؟
د / عبد العزيز القارئ: مصحف الشيخ رضوان المخللاتي، هذا الشيخ كان من علماء القراءات في مصر وكان خطاطاً ذا خط جميل فكتب مصحفاً بخط يده وطبع في المطبعة البهية سنة 1306 هـ، وعندي هذه الطبعة وكتب لها مقدمةً في قواعد الرسم وكان مقصود الشيخ هو التنبيه إلى الالتزام بمرسوم الصحابة عند طباعة المصاحف فقدم هذا الأنموذج للطابعين وهو يعد مرجعاً علمياً حتى في فن الرسم والضبط.
4 - شبكة تفسير: وهو الآن لم يطبع؟
د / عبد العزيز القارئ: ما طبع، لأن طباعته في ذلك التاريخ القديم طبعاً طباعة حجرية لم تكن طباعة واضحة فلذلك لم يكرر أحد تلك الطبعة وإنما اتخذوها مرجعاً فقط.
5 - شبكة تفسير: شيخنا الكريم سمعنا أن لديكم نسخة هندية للمصحف الشريف وأن لها قصة فما هي هذه القصة؟
د / عبد العزيز القارئ: طبعة هندية مشهورة عند الحفاظ في الهند حتى في غير الهند تسمى مصحف عبد الملك وبعضهم يقول مصحف عبد المجيد الذي هو اسم صاحب الطبعة أو المطبعة، هذا الرجل كما حدثني والدي ـ رحمه الله ـ لما أراد أن يطبع المصحف بدأ بطبع نسخٍ قليلة كما أذكر خمسمائة نسخة أو ألف نسخة، وأعلن أن كل من يكتشف غلطاً في هذا المصحف له على كل خطأ يكتشفه رُبِّيَّة، فتسابق الحُفَّاظُ إلى تصحيح هذا المصحف والحصول على هذه الربيات، طبعاً هذا جعل التنافس في مراجعة المصحف وتصحيحه واضحاً.
بعدما تحقق له ذلك طبع طبعة جديدة وأعلن أن كل من يعثر على خطأ في هذه الطبعة الجديدة له عشر ربيات عن كل خطأ يكتشفه، فتضافر الحفاظ أيضاً على تصحيحه وجاءته عشرات الملاحظات.
وطبع الطبعة الثالثة وأعلن أن كل من يكتشف غلطة فله ألف ربيه عن كل غلطة، ومضى زمن دون أن يأتيه أحد وبعد فترة لما انقطع أمله من وجود أي ملاحظة جاءه أحد الحفاظ بغلطة واحدة عثر عليها وأخذ الألف ربيه فهذا من ذكائه إذا كان هذا قد حصل فعلاً، لأن والدي لم يحضر في ذلك التاريخ المتقدم وإنما سمع هذه القصة من بعض حفاظ الهند هذا من ذكائه جعل الحفاظ في الهند جميعهم أو جلهم يقومون بمراجعة مصحفه وتصحيحه وهذا المصحف عندي نسخة الوالد مطبوعة سنة 1270 هـ.
6 - شبكة تفسير: شيخنا طباعة المصحف في المدينة النبوية كيف بدأت فكرة الطباعة هل كان بقرار أوهو اقتراح من أحد العلماء؟
د / عبد العزيز القارئ: نحن أول عهدنا بهذا الموضوع عندما اتصلت بنا وزارة الأوقاف في عهد الملك فهد وفي عهد الوزير المعروف عبد الوهاب عبد الواسع وكنت وقتها عميد كلية القرآن الكريم، فجاءنا وكيل الوزير فحدثنا عن اقتراح الشيخ ابن باز على الوزير أن تتولى كلية القرآن الكريم ـ باعتبارها جهة علمية متخصصة بهذا الشأن ـ مراجعةَ المصحف الذي أمر الملك فهد بطباعته ولم تكن لنا يد في أصل اقتراح هذا الموضوع ولا في أصل اختيار النسخة التي طبع عليها المصحف، وإنما طلب منا مراجعة شيء قد بُتَّ فيه، ففي البداية شعرت أن الوزير ووكيله يتوهمون أنه يمكن أن نراجع النسخة في خلال أيام ثم نعيدها إليهم، وقلت للوكيل نحن سنجري تجربة أولية أحضر لي ست نسخ.
فأحضر لي ست نسخ ووزعتها على ستة من علماء القراءات في الكلية: الشيخ عبد الفتاح المرصفي والشيخ محمود سيبويه البدوي وآخرين، وطلبتُ من كل واحد منهم أن يراجع سدساً، فبعد ثلاثة أيام جاؤوني بالنتيجة أكثر من مائة وأربعين غلطاً منها حوالي ثلاثين غلطاً في النص، مابين حروف مختلة، أو حركات إعراب مختلة، فأعطيت هذه القائمة للوكيل وقلت له: هذا يدل على أن النسخة تحتاج إلى جهد كبير لتصحيحها، فنحن لا يمكن أن نقوم بهذه المهمة إلا إذا شكلت لجنة علمية على أعلى مستوى.
¥