تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا وجه لاعتلال من اعتل بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله:"فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته". لأن ذلك إنما أذن الله تعالى ذكره به حيث لا سبيل إلى الكتاب أو إلى الكاتب. فأما والكتاب والكاتب موجودان، فالفرض - إذا كان الدين إلى أجل مسمى - ما أمر الله تعالى ذكره به في قوله:"فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه والله".

وإنما يكون الناسخ ما لم يجز اجتماع حكمه وحكم المنسوخ في حال واحدة، على السبيل التي قد بيناها. فأما ما كان أحدهما غير ناف حكم الآخر، فليس من الناسخ والمنسوخ في شيء.

ولو وجب أن يكون قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) ناسخا قوله:"إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله" - لوجب أن يكون قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) ناسخا الوضوء بالماء = في الحضر عند وجود الماء فيه وفي السفر = الذي فرضه الله عز وجل بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)

وأن يكون قوله في كفارة الظهار: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) ناسخا قوله: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا).

فيُسْأل القائل إنّ قول الله عز وجل:"فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته" ناسخٌ قوله:"إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه": ما الفرقُ بَينه وبين قائلٍ في التيمم وما ذكرنا قوله = (3) فزعم أنّ كل ما أبيح في حال

الضرورة لعلة الضرورة، ناسخ حكمُه في حال الضرورة حكمَه في كل أحواله: نظيرَ قوله في أنّ الأمر باكتتاب كتب الديون والحقوق منسوخٌ بقوله:"وإن كنتم عَلى سَفر ولم تجدُوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضة فإن أمن بعضُكم بعضًا فليؤدّذ الذي اؤتمن أمانته)؟

فإن قال: الفرق بيني وبينه أن قوله:"فإن أمن بعضُكم بعضًا" كلام منقطع عن قوله:"وإن كنتم على سَفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة وقد انتهى الحكم في السفر إذا عُدم فيه الكاتب بقوله:"فرهان مقبوضة". وإنما عنى بقوله:"فإن أمن بعضكم بعضًا":"إذا تداينتم بدَين إلى أجل مسمى"، فأمن بعضكم بعضًا، فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته.

قيل له: وما البرهان على ذلك من أصل أو قياس، وقد انقضى الحكم في الدّين الذي فيه إلى الكاتب والكتاب سبيلٌ بقوله:"ويُعلّمكم الله واللهُ بكل شيء عليم اهـ.

رحم الله ابن جرير ورضي عنه، فقد: كان من العلوم بحيث يقضى له في كل فن بالجميع ...

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Aug 2010, 05:52 م]ـ

شكر الله سعيكم أخي أحمد

تنبيه:

قد ظهر لي أن السلف يتوسعون في التعبير بالنزول، ومرادهم التفسير، وهذا موطن من المواطن التي وقع منهم التوسع، وإلا فهل يُتصوَّر أن يقول مجاهد في مثل هذه القصة أنها سبب نزول مباشر؟!

وعبارة النزول: (فنزلت، فأنزل الله) قرينة في أن المذكور سبب نزول مباشر، وليس لازمًا له.

وعبارة النزول: (نزلت في كذا) قرينة في أن المذكور بعدها هو من قبيل التفسير، وليس من سبب النزول المباشر، وليس الأمر كذلك لازمًا.

والمراد أنهم قد يستخدمون هذه العباراة في سبب النزول، وقد يستخدمونها في التفسير، وأن القصة المذكورة تدخل في معنى الآية، كما هو الحال في هذه القصة التي ذكرها مجاهد.

ومعنى ذلك أن السياق والأحوال التي تحفُّ بالنص تدل على المراد بهذه العبارة، والله أعلم.

ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[21 Aug 2010, 06:13 م]ـ

في تفسير قوله عز وجل (او لا مستم النساء)

فإنه ذكر القولين في تفسير الملامسة قول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وأن الله كتى بالملامسة هنا ..

وقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأن المراد اللمس

ثم رجح القول الأول مستدلا بحديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ

قد صححه ابن جرير وتبعه الشيخ شاكر ..

وعلماء العلل يضعفونه ولهم فيه كلام مشهور

لكني استغربت من الدليل الثاني الذي ذكره ابن جرير وهو قول الشاعر:

وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير .. الخ

فقد فسر آخره تفسيرا غريبا لا يحتمله اللسان وينفر منه الجنان ..

فليطالع في موضعه.

وقد استغربه العلامة شاكر في تعليقه كذلك.

فائدة:

ما أحسن ما صنع شريك القاضي لما أنشد البيت في الرواية، فإنه روى الخبر عن ابن عباس لكنه كنى في موضع التصريح.

والحديث رواه ابن جرير في سورة البقرة تفسير قوله تعالى (فلا رفث):

حدثنا عبد الحميد، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن زياد بن حصين، عن أبي العالية قال: سمعت ابن عباس يرتجز وهو محرم، يقول:

خرجن يسرين بنا هميسا ... إن تصدق الطير - قال شريك:"إلا أنه لم يكن عن الجماع" - لميسا. فقلت: أليس هذا الرفث؟ قال: لا ...

قال العلامة شاكر: يريد أن شريكا أنشد البيت: "إن تصدق الطير" ثم قطع الإنشاد وقال: "ألا إنه لم يكن الجماع" ثم عاد للإنشاد فقال: "لميسا"، ولم ينطق الكلمة.

فلله دره ما أحسن فعله، ولنا فيه أسوة في تدريس التفسير في المساجد أو المدراس والجامعات وغيرها، والله الموفق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير