خالف الطبري في سورة آل عمران في تفسير قوله (الذين قال لهم الناس ... ) ما ذكره هنا من أن المراد بالناس نعيم بن مسعود
فإنه قال:
و"الناس" الأوّل، هم قوم -فيما ذكر لنا- كان أبو سفيان سألهم أن يثبِّطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أحد إلى حمراء الأسد.
و"الناس" الثاني، هم أبو سفيان وأصحابه من قريش، الذين كانوا معه بأحد أهـ.
وقد ذكر هو في موضع آخر نحو الذي ذكره في سورة البقرة، وهو تفسير قوله (فنادته الملائكة وهوقائم) سورة آل عمران.
قال:
فإن قال قائل: وكيف جاز أن يقال على هذا التأويل:"فنادته الملائكة"، و"الملائكة" جمع لا واحد؟ قيل: ذلك جائز في كلام العرب، بأن تخبر عن الواحد بمذهب الجمع، كما يقال في الكلام:"خرج فلان على بغال البُرُد"، وإنما ركب بغلا واحدًا ="وركب السفن"، وإنما ركب سفينةً واحدة. وكما يقال:"ممن سمعتَ هذا الخبر"؟ فيقال:"من الناس"، وإنما سمعه من رجل واحد. وقد قيل إنّ منه قوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)، والقائلُ كانَ فيما كان ذُكر واحدًا وقوله: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ)، والناس بمعنى واحد. وذلك جائز عندهم فيما لم يقصد فيه قصد واحد أهـ.
ومثله ذكر في تفسير سورة المائدة قوله تعالى (أيدتك بروح)
قال:
فإن قال قائل: وكيف سئلت الرسل عن إجابة الأمم إيَّاها في عهد عيسى، ولم يكن في عهد عيسى من الرُّسل إلا أقلُّ ذلك؟
قيل: جائزٌ أن يكون الله تعالى ذكره عنى بقوله:"فيقول ماذا أجبتم"، الرسلَ الذين كانوا أرسلوا في عهد عيسى، فخرَج الخبر مخرج الجميع، والمراد منهم من كان في عهد عيسى، كما قال تعالى ذكره: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ، والمراد واحدٌ من الناس، وإن كان مخرج الكلام على جميع الناس اهـ.
وكذلك قال مثله في تفسير قوله تعالى (جعلا له شركاء) ..
ونصه:
فإن قال قائل: فإن آدم وحواء إنما سميا ابنهما "عبد الحارث"، و"الحارث" واحد، وقوله: (شركاء)، جماعة، فكيف وصفهما جل ثناؤه بأنهما "جعلا له شركاء"، وإنما أشركا واحدًا!
قيل: قد دللنا فيما مضى على أن العرب تخرج الخبر عن الواحد مخرج الخبر عن الجماعة، إذا لم تقصد واحدًا بعينه ولم تسمِّه، كقوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)، وإنما كان القائل ذلك واحدًا، فأخرج الخبر مخرج الخبر عن الجماعة، إذ لم يقصد قصده، وذلك مستفيض في كلام العرب وأشعارها أهـ.
وكذلك كرر مثله في تفسير قوله تعالى (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا) ...
وهذه من العجائب ..
والله الموفق
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[11 Oct 2010, 11:43 م]ـ
من جملة الأقوال التي رواها ابن جرير رضي الله عنه في تفسير ص قول من قال: إن معناها صدق الله ..
فقال رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأقوال وأخر هذا: ...
وقال آخرون: معنى ذلك: صدق الله.
ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك فى قوله (ص) قال: صدق الله أهـ
وهذا حري أن يلحق بما يسميه المفسرون بدع التفسير ..
وصدق الله العظيم مقولة يختم بها القراء قراءتهم.
وهي ولا شك محدثة لم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا اصحابه ولا التابعون.
ولا ذكرها من صنف في فضائل القرآن وآدابه ولا من ألف في علوم القرآن من المتقدمين.
وقد ذكر لي أحد العلماء أنه كان يقول ببدعيتها، حتى سمع من شيخنا حماد الأنصاري رحمه الله أن البيهقي روى هذه الكلمة في الشعب عن بعض السلف من التابعين .. قال: فتوقفت في ذلك.
وكنت خارج السعودية فعدت وفي نفسي أن اسأل الشيخ حماد فألفيته قد توفي رحمه الله.
فقرأت شعب الإيمان للبيهقي أكثر من ثلاث مرات ابحث عن هذه الرواية فلم أجدها ..
وأظن أن الشيخ وهم في النقل ...
هذا الاستطراد من قبيل الشيء بالشيء يذكر ..
والله الموفق ...