تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولعل هذه احدى لطائف كثرة ورود الفاظ الخوف في قصته عليه السلام

السلام عليكم

معذرة لم أر الموضوع إلا الآن وأنا أبحث عن موضوع لي.

وهذا كلام وجيه بالفعل أن حياة سيدنا موسيصل1 مليئة بالمخاطر وهي تستحق الخوف الفطري.

بارك الله فيكم

والسلام عليكم

ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[20 Oct 2010, 03:39 م]ـ

معلوم أن نبي الله موسى صل1 بعث إلى أعتى أهل الأرض في زمانه، وأشدهم بأسا وعلوا في الأرض، وأجرئهم على سفك الدماء وقتل الأبرياء، وأحرصهم على الملك، قال تعالى في فاتحة سورة القصص:" طسم تلك آيات الكتاب المبين، نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون، إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين "

قال ابن عاشور رحمه الله تعالى: " قوله:" إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ " دال على شدة تمكن الإفساد من خلقه، ولفعل الكون إفادة تمكن خبر الفعل من اسمه، فحصل تأكيد لمعنى تمكن الإفساد من فرعون، ذلك أن فعله هذا اشتمل على مفاسد عظيمة:

المفسدة الأولى: التكبر والتجبر؛ فإنه مفسدة نفسية عظيمة، تتولد منها مفاسد جمة؛ من احتقار الناس والاستخفاف بحقوقهم، وسوء معاشرتهم وبث عداوته فيهم، وسوء ظنه بهم، وأن لا يرقب فيهم موجبات فضل سوى ما يرضي شهوته وغضبه، فإذا انضم إلى ذلك أنه ولي أمرهم وراعيهم؛ كانت صفة الكبر مقتضية سوء رعايته لهم والاجتراء على دحض حقوقهم، وأن يرمقهم بعين الاحتقار فلا يعبأ بجلب الصالح لهم ودفع الضر عنهم، وأن يبتز منافعهم لنفسه ويسخر من استطاع منهم لخدمة أغراضه، وأن لا يلين لهم في سياسة فيعاملهم بالغلظة، وفي ذلك بث الرعب في نفوسهم من بطشه وجبروته. فهذه الصفة هي أم المفاسد وجماعها ولذلك قدمت على ما يذكر بعدها ثم أعقبت بأنه كان من المفسدين.

المفسدة الثانية: أنه جعل أهل المملكة شيعا وفرقهم أقساما، وجعل منهم شيعا مقربين منه، ويفهم منه أنه جعل بعضهم بضد ذلك، وذلك فساد في الأمة لأنه يثير بينهما التحاسد والتباغض، ويجعل بعضها يتربص الدوائر ببعض، فتكون الفرق المحظوظة عنده متطاولة على الفرق الأخرى، وتكدح الفرق الأخرى لتزحزح المحظوظين عن حظوتهم بإلقاء النميمة والوشايات الكاذبة فيحلوا محل الآخرين. وهكذا يذهب الزمان في مكائد بعضهم لبعض فيكون بعضهم لبعض فتنة، وشأن الملك الصالح أن يجعل الرعية منه كلها بمنزلة واحدة، بمنزلة الأبناء من الأب يحب لهم الخير، ويقومهم بالعدل واللين، لا ميزة لفرقة على فرقة، ويكون اقتراب أفراد الأمة منه بمقدار المزايا النفسية والعقلية.

المفسدة الثالثة: أنه يستضعف طائفة من أهل مملكته فيجعلها محقرة مهضومة الجانب لا مساواة بينها وبين فرق أخرى، ولا عدل في معاملتها بما يعامل به الفرق الأخرى، في حين أن لها من الحق في الأرض ما لغيرها لأن الأرض لأهلها وسكانها الذين استوطنوها ونشأوا فيها. والمراد بالطائفة: بنو إسرائيل وقد كانوا قطنوا في أرض مصر برضى ملكها في زمن يوسف وأعطوا أرض (جاسان) وعمروها وتكاثروا فيها، ومضى عليهم فيها أربعمائة سنة، فكان لهم من الحق في أرض المملكة ما لسائر سكانها، فلم يكن من العدل جعلهم بمنزلة دون منازل غيرهم، وقد أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى: طَائِفَةً مِنْهُمْ" إذ جعلها من أهل الأرض الذين جعلهم فرعون شيعا، وأشار بقوله: (طائفة) إلى أنه استضعف فريقا كاملا، فأفاد ذلك أن الاستضعاف ليس جاريا على أشخاص معينين لأسباب تقضي استضعافهم ككونهم ساعين بالفساد أو ليسوا أهلا للاعتداد بهم لانحطاط في أخلاقهم وأعمالهم، بل جرى استضعافه على اعتبار العنصرية والقبلية، وذلك فساد لأنه يقرن الفاضل بالمفضول. من أجل ذلك الاستضعاف المنوط بالعنصرية أجرى شدته على أفراد تلك الطائفة، دون تمييز بين مستحق وغيره، ولم يراع النوعية من ذكورة وأنوثة وهي:

المفسدة الرابعة: أنه يذبح أبناءهم أي: يأمر بذبحهم، فإسناد الذبح إليه مجاز عقلي. والمراد بالأبناء: الذكور من الأطفال. وقد تقدم ذكر ذلك في سورة البقرة. وقصده من ذلك أن لا تكون لبني إسرائيل قوة من رجال قبيلتهم حتى يكون النفوذ في الأرض لقومه خاصة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير