المفسدة الخامسة: أنه يستحيي النساء أي: يستبقي حياة الإناث من الأطفال فأطلق عليهن اسم النساء باعتبار المآل إيماء إلى أنه يستحييهن ليصرن نساء، فتصلحن لما تصلح له النساء وهو أن يصرن بغايا إذ ليس لهن أزواج. وإذ كان احتقارهن بصد قومه عن التزوج بهن، فلم يبق لهن حظ من رجال القوم إلا قضاء الشهوة، وباعتبار هذا المقصد انقلب الاستحياء مفسدة بمنزلة تذبيح الأبناء، إذ كل ذلك اعتداء على الحق". [1] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124582#_ftn1)
فبعث عليه السلام في هذا الجو المليء بهذه المظاهر، التي تروع النفس وتبث الرعب فيها، لكن الله تعالى أيده وثبته.
قال ابن عاشور رحمه الله: "لما أظهر الله لهُ الآيتين فعلم بذلك أنه مؤيّد من الله تعالى، أمره الله بالأمر العظيم الذي من شأنه أن يُدخل الرّوع في نفس المأمور به، وهو مواجهة أعظم ملوك الأرض يومئذ بالموعظة ومكاشفته بفساد حاله، وقد جاء في الآيات الآتية:" قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى، قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى."
والذهاب المأمور به ذهاب خاص، قد فهمه موسى من مقدمات الإخبار باختياره، وإظهار المعجزات له، أو صرح له به وطوي ذكره هنا على طريقة الإيجاز، على أنّ التّعليل الواقع بعده ينبىء به.
فجملة إِنَّهُ طَغَى تعليل للأمر بالذهاب إليه، وإنما صلحت للتعليل لأن المراد ذهاب خاص، وهو إبلاغ ما أمر الله بإبلاغه إليه من تغييره عما هو عليه من عبادة غير الله. ولما علم موسى ذلك لم يبادر بالمراجعة في الخوف من ظلم فرعون، بل تلقى الأمر وسأل الله الإعانة عليه، بما يؤول إلى رباطة جأشه وخلق الأسباب التي تعينه على تبليغه، وإعطائه فصاحة القول للإسراع بالإقناع بالحجة". [2] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124582#_ftn2)
فبعد هذه التوطئة نستخلص قوة موسى عليه السلام لا خوفه، فإنه عليه السلام بقدر ما تنبعث بوادر الخوف في نفسه، بقدر ما يقوى جانب الالتجاء إلى الله تعالى لتسكين خوفه، وربط جأشه، وهذه قوة لا ضعف، فعن علي رضي الله عنه قال: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح» [3] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124582#_ftn3). فانظر إلى هذا الجانب من حياة الأنبياء عليهم السلام كيف يقوى عند استحضار قوة العدو.
قال أحمد عبد الرحمن البنا: "فيه دلالة على تيقظه ص وشدة اهتمامه بهذه الغزوة، والتجائه إلى ربه، فإن في الالتجاء إليه النصر، وقد حصل ولله الحمد". (من الفتح الرباني (21/ 36).)
فحكاية قضية الخوف في سيرة موسى صل1 ليست للدلالة على ضعفه، بل للدلالة على عناية الله به من جهة، وشدة إلتجائه إليه سبحانه من جهة أخرى فتنبه.
فإن حكاية خوفه في قضية الإقبال على فرعون ودعوته مقرونة بقوته وإقباله عليه دون مهابة، فلا ينبغي فهم الأولى إلا ضمن الثانية والعلم عند الله تعالى.
وكذلك قصة خوفه من سحر سَحَرَة فرعون ينبغي أن يفهم مع تتمة القصة من ثباته وانتصاره عليهم.وهذان هما الموطنان اللذان يجب الاعتناء بفهمها، أما خوفه عليه السلام حين خرج فارا من المدينة، فلأجل ما حصل من قتل تلك النفس خطأ، وقد بين أمرها في القرآن الكريم. والله الهادي إلى سواء السبيل
[1] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124582#_ftnref1) التحرير والتنوير (20/ 68 - 70).
[2] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124582#_ftnref2) التحرير والتنوير (16/ 209 - 210).
[3] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124582#_ftnref3) أخرجه: أحمد (1/ 125و138)، والنسائي في الكبرى (1/ 270/823) دون المقطع الأول، وصححه ابن حبان (الإحسان 6/ 32/2257)، وابن خزيمة (2/ 52 - 53/ 899).
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[20 Oct 2010, 05:49 م]ـ
فحكاية قضية الخوف في سيرة موسى صل1 ليست للدلالة على ضعفه، بل للدلالة على عناية الله به من جهة، وشدة إلتجائه إليه سبحانه من جهة أخرى فتنبه.
فإن حكاية خوفه في قضية الإقبال على فرعون ودعوته مقرونة بقوته وإقباله عليه دون مهابة، فلا ينبغي فهم الأولى إلا ضمن الثانية والعلم عند الله تعالى.
وكذلك قصة خوفه من سحر سَحَرَة فرعون ينبغي أن يفهم مع تتمة القصة من ثباته وانتصاره عليهم.وهذان هما الموطنان اللذان يجب الاعتناء بفهمها، أما خوفه عليه السلام حين خرج فارا من المدينة، فلأجل ما حصل من قتل تلك النفس خطأ، وقد بين أمرها في القرآن الكريم. والله الهادي إلى سواء السبيل
.
أستاذنا الكريم
ما المانع أن يكون هذا الخوف نابعا من الخوف الفطري في الإنسان والأنبياء بشر، وهذا لا يمنع الوثوق بالله؟.
وعلمنا نبيناصل1 صلاة الخوف ودعاء الخوف وغيرها مما لاينافي الثقة بالله.
والسلام عليكم
¥