تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول الإمام الشاطبي: للغة العربية من حيث هي ألفاظ دالة على معان، نظران:

أحدهما: من جهة كونها ألفاظ وعبارات مطلقة دالة على معان مطلقة وهى الدلالة الأصلية.

والثاني: من جهة كونها ألفاظا وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة وهي الدلالة التابعة ... فلا يمكن من اعتبر هذا الوجه الأخير أن يترجم كلاما من الكلام العربي بكلام العجم على حال، فضلا عن أن يترجم القرآن وينقل إلى لسان غير عربي. ([6] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn6))

ويقصد الإمام الشاطبي بالنظر الثاني معان ونكات بلاغية واعتبارات زائدة يختص بها اللغة العربية، وهذا أمر طبيعي في شأن اللغة؛ فإن لكل لغة خصائصها التي تختصّ بها.

يقول الزرقاني: هذه الاعتبارات مع فصاحة المفردات هي مناط بلاغة الكلام والمتكلم وعلوم البلاغة على سعتها ووفرة مباحثها وحسن بلاء الباحثين فيها لا تكفي وحدها لتصل بدارسها إلى مصاف البلغاء وذوي اللسن والبيان بل غايتها أن يعرف بها أن هذه الحال تقتضي هذا الاعتبار وأن تلك الحال تقتضي ذلك الاعتبار وهكذا أما التطبيق والقدرة على الصياغة البلاغية فشأو بعيد يتوقف على أمور كثيرة منها الإلمام بظروف الكلام وأحوال المخاطبين ومنها الإحاطة بدرجة تلك الأحوال قوة وضعفا ومنها الإتيان بالخصوصيات المناسبة لهذه الأحوال والمقامات ومنها الذوق البلاغي أو الحاسة البيانية التي تكتسب بممارسة كلام البلغاء وأساليبهم وترويض النفس على محاكاتهم وتقليدهم وإلا فكم رأينا من مهرة في علوم اللسان لا يحسنون صناعة الكلام ولا يستطيعون حيلة إلى أقل درجات البيان فضلا عن أن يبرزوا في هذا الميدان. ([7] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn7))

إذن يتبين لنا أهمية اللغة العربية في إدراك أسرار القرآن وخصائص عبارته وأسلوبه، وذلك مما يؤكد لنا ناحية إعجازه اللغوي، حيث كان العلماء القدماء قد انصبّ اهتمامهم لدراسة القرآن من النحية اللغوية لإثبات وجه إعجازه وللردّ على ما قيل من أن إعجازه إنما كان بالصرفة كما ادعى به النظام المعتزلي وأن القرآن لم يكن معجزة من ناحية نفسه، يعنى ناحية لغته.

كما يتبين لنا أن أحدا لا يمكن أن يفهم القرآن فهما دقيقا مدركا لأسرار القرآن البلاغية ومعانيه العميقة إلا بعد أن هضم علوم اللغة هضما واستطاع أن يطبقها في دراسته للقرآن وتفسيره، ويستحيل لأحد أن يفهم القرآن معتمدا على الترجمة التفسيربة للقرآن – سواء ترجمة إندونيسية أو غيرها- دون إدراك لغة القرآن الأصلية وأسرارها وخصائصها.

والله أعلم

بقلم: نور فائزين محيط الإندونيسي

ـــــ

[1] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref1) تفسير المنار، ج1، ص 25.

[2] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref2) مناهل العرفان، ج 2، ص 76 - 77.

[3] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref3) البرهان في علوم القرآن، ج 1، ص 465.

[4] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref4) تفسير المنار، ج 9، ص 276.

[5] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref5) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، ج 2، ص 80.

[6] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref6) الموافقات في أصول الفقه، إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي، دار المعرفة، بيروت، تحقيق: عبد الله دراز، ج 2، ص 66.

[7] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_ednref7) مناهل العرفان في علوم القرآن، ج 2، ص 88.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير