تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من يفهمه ويدافع عنه هناك؟ ومنهم من صار يفخر بسلفه من الوثنيين والمجوس حتى بفرعون الذي لعنه الله في جميع كتبه. ([1] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn1))

ولقد بلغت ترجمة القرآن إلى لغات أخرى في عصرنا الحاضر إلى عدد يصعب إحصاءه احصاء تاما، وقد ذكر الزرقاني في زمانه أن بعض الباحثين أحصى عددها مائة وعشرين ترجمة في خمس وثلاثين لغة، وهي ما بين شرقية وغربية ... وأوفر هذه الترجمات وأكثرها طبعا هي الترجمات الانكليزية فالفرنسية فالألمانية فالإيطالية وهناك خمس ترجمات في كل من اللغتين الفارسية والتركية وأربع ترجمات باللغة الصينية وثلاث باللاتينية واثنتان بالأفغانية وواحدة بالجاوية وأخرى بالأوردية. ([2] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn2)) وبالتأكيد زاد هذا العدد زيادة سريعة حيث وجدنا في بلدنا إندونيسيا ترجمة إلى اللغة الإندونيسية وإلى لغات أخرى كلغة سوندا، والجاوة وغيرهما.

إلا أن تلك الترجمات الكثيرة المتوفرة لا يمكن بحال من الأحوال أن تنقل إلينا جميع معاني القرآن المستودعة فيه بلغته العربية، ولذلك فقد وجدنا أقوالا كثيرة في استحال ترجمة القرآن إلى لغة أخرى، فيقول ابن فارس –وهو من أهل اللغة-: لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقل القرآن إلى شىء من الألسن كما نقل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى بالعربية لأن العجم لم تتسع فى الكلام اتساع العرب. ([3] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn3))

وتأتي استحالة ترجمة القرآن بلغة أخرى من وجوه ذكرها رشيد رضا في تفسير المنار، الأول: أن ترجمته بالتمام غير ممكنة لإعجازه من جهة البلاغة. والوجه الثاني: أن فيه كثيرا من الكلمات لا يوجد لها مقابل في اللغة التي يترجم إليها، فيضطر المترجم إلى الإتيان بما يدل عليها مع شيء من التغيير. ثم إذا نقلت هذه الترجمة إلى لغة أخرى يحدث فيها شيء من التغيير أيضا وهلم جرا. والوجه الثالث: أن كلمات الكتب السماوية يستخرج منها بعض إشارات وأحكام بطريق الحساب، فإبدالها بالترجمة يسد هذا الطريق، مثال ذلك أن سعدي جلبي كتب في حاشيته على البيضاوي عند تفسير سورة الفاتحة أنه إذا أخرجت الحروف المكررة من سورة الفاتحة التي هي أول القرآن وسورة الناس التي هي آخر سورة تكون الحروف الباقية ثلاثة وعشرين. قال: وفي ذلك إشارة إلى مدة سني النبوة المحمدية- فإذا ترجم القرآن لا يبقى في الترجمة مثل هذه الفوائد التي هي من جملة معجزاته. ([4] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn4))

ولذلك اختلف العلماء قديما وحديثا في حكم ترجمة القرآن إلى لغة أخرى بين المانعين والمجوزين، وألف العلماء كتبا في الكلام عن هذا المبحث، منهم محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر للقول بجواز ترجمة القرآن وكتب في ذلك رسالة عظيمة الشأن وأيده آخرون، وتصدى العلامة الكبير الشيخ مصطفى صبري شيخ الإسلام بتركيا سابقا للرد على ذلك في كتاب دقيق سماه مسألة ترجمة القرآن وظاهره آخرون، وتكلم د. محمد عبد الله دراز عن ذلك في كتابه النبأ العظيم، ومنهم ومحمد رشيد رضا صاحب المنار في رسالة له باسم ترجمة القرآن وما فيها من المفاسد ومنافاة الإسلام.

والتحقيق أن الترجمة ينقسم إلى قسمين: ترجمة حرفية وترجمة تفسيرية؛ فالترجمة الحرفية هي التي تراعى فيها محاكاة الأصل في نظمه وترتيبه فهي تشبه وضع المرادف مكان مرادفه وبعض الناس يسمي هذه الترجمة لفظية. والترجمة التفسيرية هي التي لا تراعى فيها تلك المحاكاة أي محاكاة الأصل في نظمه وترتيبه بل المهم فيها حسن تصوير المعاني والأغراض كاملة ولهذا تسمى أيضا بالترجمة المعنوية. ([5] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=116800#_edn5))

فالترجمة التفسيرية أو ترجمة معاني القرآن ممكنة وجائزة، وهي ترجمات إلى لغات أخرى كما نشاهدها الآن، أما الترجمة الحرفية أو اللفظية بحيث تؤدى الترجمة جميع ما في القرآن من المعاني الدلالية والإشارية أو المعاني الثانوية البلاغية فلا يتأتي ذلك، فلذلك يمتنع أن يقال ترجة القرآن أو القرآن المترجم، بل يقال ترجمة معاني القرآن أو ترجمة تفسيرية للقرآن ونحو ذلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير