تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

8 - خطاب حواري إقناعي لا إقصائي: والحوار والمجادلة بالتي هي أحسن أمر أساسي في تكوين من يسعى لمخاطبة الناس في أمور دينهم، لأنه بالحوار يصل الى المطلوب المتمثل في حسن الافهام والاقناع والتصحيح.

ومما قاله بعض المُتمرّسين في هذا الشأن: دَعْ صاحبك في الطرف الآخر يوافق ويجيب بـ (نعم)، وحِلْ ما استطعت بينه وبين (لا)؛ لأن كلمة (لا) عقبة كؤود يصعب اقتحامها وتجاوزها، فمتى قال صاحبك: (لا)؛ أوجَبَتْ عليه كبرياؤه أن يظلّ مناصراً لنفسه. وما أجمل أن نستحضر هنا كلمات تستحق أن تكتب بمداد من ذهب، وردت على لسان أهل العلم ودونها السيوطي في الأشباه والنظائر، قولهم:" إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفينا في الفروع يجب علينا أن نجيب: بان مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل الصواب، لأنك لو قطعت القول لم يصح قولنا: إن المجتهد يخطىء ويصيب. وإذا سئلنا عن معتقدنا ومعتقد خصومنا في العقائد، يجب علينا أن نقول: الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا".

9 - خطاب الرحمة والأمل لا خطاب التيئيس والعذاب: كثير من الناس حين يخاطبون الناس في أمور دينهم بخطابهم الديني، لا يعرفون منه إلا النار والعذاب والعقاب وعذاب القبر وغير ذلك، وهذا ليس مرفوضا لأنه من الدين، لكن الخطاب الديني ليصل الى الأسماع وتقبله العقول وتهتدي به النفوس الضالة يحتاج الى حديث الرحمة لا العذاب، حديث المغفرة والصفح لا حديث العقاب والانتقام.

10 - تجنب التعيين أثناء الخطاب: لتغيير المنكر وتصحيح الأخطاء أساليب ووسائل أساسية استعملها القرآن الكريم تعليما لنا، بقوله تعالى:" ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". وأثبتها التعليم النبوي في خطاباته ودروسه ونصائحه، جعلها لنا منهاجا ونبراسا نقتدي بها في خطابنا ودعوتنا وتعليمنا.فالمتأمل في الحديث النبوي ودعوة رسول الله صل1وتغييره للمنكر وتصحيحه للأخطاء التي كان يقع فيها الصحابة في مختلف مسؤولياتهم تتضح له جملة أمور، من بينها:

إن النبي الكريم في كل مواقفه التغييرية لم تنبس شفتاه باسم المخطئ، أو بتعيين المسيء تجنبا لفضحه وسترا له أمام غيره.

-11تجنب الترويج للشائعات: يعتبر صاحب الخطاب الديني مرآة تنعكس عليها هموم الأمة ومشاكلها، إليه يلجأ كل الناس إن وثقوا به ليسترشدوا ويتعلموا، كل واحد منهم ينتظر جوابا عن سؤال أرقه، أو مشكل همه، أو حادث ملأ سمعه، ويريد تبين صدقه أو كذبه. وكثيرا ما يطلق أناس شائعة غالبا ما تضاف إليها إضافات وزيادات، فتصبح كأنها حقيقة لا مراء فيها، لكن عند أول سؤال في محاولة تبين حقيقتها ومصدرها، تجد الكل يتبرأ منها وينسبها الى غيره أو الى قائل مجهول. ولمعالجة هذه الظاهرة وجب على المتكلم بالخطاب الديني تمثل ما يلي:

أ-ضرورة التبين: لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ".

ب-تعليم الناس البعد عن الإمعية: فمن العار على أمة إقرأ أن تبقى رهينة ترويج الشائعات وتناقل الأخبار الكاذبة، وترتع في براثن التخلف وتجر أذيال الشعوذة والخرافات، بل وتقع فيها راتعة، بينما الأمم الأخرى تبني الحضارات، فعلى المخطاب الديني أن يرتقي في خطابه للناس، بحيث يوصل الى أسماعهم وقلوبهم ما يرقى بفكرهم، ويكسبهم قدرا من العلم والفقه يميزوا به الصحيح من الكذب والغث من السمين.

ج-تحذير الناس من خطورة الكلمة: لعل من أخطر ما ينخر كيان الأمة في عمقها، أصغر جرم فيها، وكيف لا وقد قال فيه صل1كما في رواية البخاري:" من ضمن لي ما بين لحييه وفخذيه ضمنت له الجنة " .. لذا وجب تعليم الناس ضبطه وإمساكه وعدم التلفظ بكل صغيرة وكبيرة إلا بعد تبين حقيقتها ومعرفة حكم الشارع فيها ومما يعين على ذلك:

-تعليمهم عدم التحايل على إخوانهم أثناء التحديث: حيث نهى النبيصل1 وحذر من الكذب بل واعتبر من أكبر الخيانة أن تكذب على من يثق بك، ويصغي إليك بقلبه وأذنه وأنت تكذب عليه، فقال كما في رواية أحمد: " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو به مصدق وأنت له به كاذب ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير