- الثالث عشر: أن الزوج لم يظهر من الغيرة والنخوة ما يفرق به بينهما ويبعد كلا منهما عن صاحبه، بل كان غاية ما قابلها به أن قال ليوسف: "أعرض عن هذا " وللمرأة: "استغفري لذنبك انك كنت من الخاطئين" وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع، وهذا لم يظهر منه غيرة.
ومع هذه الدواعي كلها آثر يوسف عليه السلام مرضاة الله وخوفه، وحمله حبه لله على أن اختار السجن على الزنى " قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه " يوسف /33، وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه، وأن ربه تعالى إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن صبا إليهن بطبعه، وكان من الجاهلين، وهذا من كمال معرفته بربه ونفسه.
nعشرة أدلة قرآنية
ورغم هذا الكلام الطيب من الإمام ابن القيم والوجوه التي أوردها، مبينا صلابة موقف نبي الله يوسف وابتعاده عن الفاحشة رغم قوة الدافع وزوال الموانع، فنحن نسوق هنا عشرة أدلة من القرآن الكريم تدل على عصمة يوسف – عليه السلام – وأن همه لم يكن همّ فاحشة، وهذه الأدلة هي:
1 - امتناعه الشديد ووقوفه أمام امرأة العزيز بكل صلابة وعزم "قال معاذ الله انه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون"يوسف/23
2 - فراره منها بعد أن غلقت الأبواب وشددت عليه الحصار "واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر"يوسف/25
3 - إيثاره السجن على الفاحشة "قال رب السجن أحب إلىّ مما يدعونني إليه" يوسف/33
4 - شهادة الطفل الذي أنطقه الله وهو في المهد بالحجة الدامغة "وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين" يوسف/26و27.
5 - ثناء الله تعالى على يوسف في مواطن كثيرة "انه من عبادنا المخلصين" يوسف/24، " ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين" يوسف/22، فهل يكون مخلصا لله من همّ بفاحشة الزنى.
6 - اعتراف امرأة العزيز ببراءته وعفته أمام نسوة المدينة "ولقد راودته عن نفسه فاستعصم" يوسف/32.
7 - استغاثته بربه لينجيه من كيد النساء "فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن انه هو السميع العليم" يوسف/34
8 - ظهور الإمارات الواضحة والبراهين الساطعة على براءته، وإدخاله السجن لدفع مقالة الناس "ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين" يوسف/35
9 - عدم قبوله الخروج من السجن حتى تبرأ ساحته من التهمة "ارجع الى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن، إن ربي بكيدهن عليم" يوسف/50.
10 - الاعتراف الصريح من امرأة العزيز ومن النسوة أمام الملك ببراءته: " قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه، قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء، قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين" يوسف/51
n همّ الضرب
وأمام هذه الأدلة الدامغة من القرآن الكريم والتي تبرئ ساحة نبي الله يوسف، فاننا نميل إلى ما ذكره بعض المفسرين من أن الهمّ من يوسف لم يكن همّ فاحشة، ولكن عندما استعصى عليها واعتصم بربه، وهي السيدة الجليلة المترفة وهو العبد الآبق الذي يرفض أوامر سيدته، همت به ضربا لترغمه على الفاحشة، وهمّ بها دفاعا عن نفسه ودفعا لها، ويؤكد هذا المعنى استباقهما الباب وما حدث من تمزيق قميصه، حيث كانت تجذبه إليها، وهو يهرب منها، كما يؤكده السياق القرآني "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" وهو ما يعني ثبات موقف يوسف، وأن السوء والفحشاء كانا يقتربان منه، وهو يبتعد، فلم يقل القرآن الكريم "كذلك لنصرفه عن السوء والفحشاء".
ويشهد ليوسف إبليس نفسه، فقد استثنى من الغواية المخلصين، "فبعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين" ص / 82 و83، ويوسف بشهادة القرآن كان من عباد الله المخلصين "انه من عبادنا المخلصين"، فلا سلطان لإبليس على يوسف حتى يهمّ بالفاحشة.
أحمد أبو زيد
كاتب وباحث إسلامي
وصحفى مصرى
[email protected]
_____
(1) الامام ابن القيم الجوزية – الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – تحقيق محب الدين الخطيب – الطبعة الرابعة – دار صلاح الدين – القاهرة 1407هـ – 1987م
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[28 Aug 2010, 02:32 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خيرا على هذا البحث
المسألة تكلم فيها كثير من العلماء والمشايخ
ومازال الهم غير مفهوم
إن يوسف لم يكن نبيا عندما دعته امرأة العزيز؛ والقول بعصمة الأنبياء قبل البعثة مبحث طويل؛
كذلك فإنه لم يصبح من المخلصين إلا بعد هذه الواقعة كنتيجة لتعففه؛ الآية السابقة قالت إنه من المحسنين " وكذلك نجزى المحسنين " فلما نجح فى هذا الامتحان صار من المخلصين.وكان صديقا وهو فى السجن " يوسف أيها الصديق أفتنا .. " والنبوة بعد ذلك بكثير
نعم إن تصوير الحدث فى بعض الروايات تصوير فج ومقزز ولكن هذا لايمنع أن الهم حدث ولو كان أقل الهم كلمسة أو ماشابه .... ونقول أن الهم بالملامسة لايقدح فى يوسف فى شيء؟
ويؤكد هذا المعنى استباقهما الباب وما حدث من تمزيق قميصه، حيث كانت تجذبه إليها، وهو يهرب منها، كما يؤكده السياق القرآني "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" وهو ما يعني ثبات موقف يوسف، وأن السوء والفحشاء كانا يقتربان منه، وهو يبتعد، فلم يقل القرآن الكريم "كذلك لنصرفه عن السوء والفحشاء".
كيف كان ماحدث صارفا للفحشاء؟
لقد طاردته النسوة ودعوه أن يطيع سيدته ودعوه لأنفسهن " قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه "
إن قوله تعالى "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" لا يفيد صرف الفحشاء بمنع أسبابها ... بل صرفها كان بعرضها عليه أولا وتقع فى نفسه ثم يتعفف عنها بارادته .. فيتحصن منها ... كالتحصين بالتطعيم ضد الميكروبات؛
أنا أفهمها كمن تعفف عن قبول رشوة بمليون جنيه فلن يقبل رشوة بعشرة جنيهات أو بمئة ألف بعد ذلك؛ فيوسف الصديق رفض هذا العرض بكل مغرياته فلن يقبل أو يفكر في الأمر مرة أخرى
والله أعلم
¥