قرأتُ ما تفضلتم به هنا جزاكم الله خيراً، وأراه يفتقر إلى التوثيق والعمق العلمي، حيث إن الكتابات حول سورة الفاتحة كثيرة جداً حتى لم يعد من السهل أمام الباحث المطلع الإتيان بجديد. ولم أجد جديداً فيما كتبتم وفقكم الله وإنما هو تكرار لما هو مشهور، ونحن في الملتقى نحرص على الكتابة العلمية المحررة الموثقة التي تدعو الباحثين للتوقف عندها، وموازنة الرأي بآراء العلماء السابقين مما يثري البحث العلمي وينميه، والكتابات الانطباعية التي تفتقر إلى التوثيق والأدلة لا تستوقفني كثيراً، والبحث العلمي باب يختلف عن الكتابة الصحفية وإن كنتُ لا أعفي الكاتب الصحفي من التوثيق والتحقق من صحة ما يقول.
لا والله يا أخي الفاضل لا اغضب أبداً في النقد الوجيه المبني على الأسس العلمية ولكن ألا تلاحظ معي أنك تستحل خلاف العلماء متى أردت وتغلقه عليّ وتصده دوني أينما ذهبت وتعتبره مجازفة علميّة؟؟؟؟
.نعم أخي الفاضل ربما لا يكون لدي جديد في ما طرحت ولكنه في قالب جديد وهذا دأب العلم وطلبه باختلاف صيغته حيناً وبتقليبه على النفس والقلب حيناً. ألا ترى التكرار بين كل كتب التفسير صغيرها وكبيرها؟؟ ولو أردنا أن نستنكر التكرار ونمنعه لما وجدنا في التفسير المباشر من كثير جديد ولا فيما يطبعه الطابعون من تفسيرات وتعديلات أي فائدة. ولقد رأيت وسمعت كثيراً من الخطباء والعلماء يقولون حديثاً سمعته قبل أن يولدوا بسنين ولكنني أتأثر به أيّما تأثر ويستوقفني أيما استيقاف. ففي التكرار إقرار يا سيدي لا شك ولا ريب. لقد كتبت ما كتبت حول تلك السورة الكريمة وأشهد الله تعالى أنني لم أطلع على مرجع ولا على كلام. ولكنني قلت ما قلت ظناً مني أن أحداً لم يتطرق لما قلت على الأقل بالصياغة والتقريب والتبويب. أما قولكم أن آيات سورة الفاتحة كلها محورية فنعم. ولكن هناك محور كلي ومحور جزئي. ولعل آية اهدنا الصراط المستقيم محور أساسي لمنهج الإنسان وحياته وفكره وعقيدته وسكناته وأفعاله ومعاشه ومماته ومعاملاته وحلاله وحرامه. والصراط المستقيم هو الذي يدل على إياك نعبد وإياك نستعين أي العبادة والاستعانة كما بيّنت في مشاركتي وليس العكس. فهل في ذلك مخاطرة علمية أيضاً؟
آيات سورة الفاتحة محورية، والحديث عن كل آية منها حديث طويل. وابن القيم رحمه الله أقام كتابه مدارج السالكين على أن قوله تعالى (((إِيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نَستعين))) وذكر أدلة ذلك فلتراجع. وقوله تعالى: (((اهدنا الصراط المستقيم))) محور عظيم للسورة كذلك وقد قال به كثير من المفسرين أيضاً، فهي الطلب الوحيد في الفاتحة الذي جاء القرآن بعده استجابة له، وقد أفاض في ذلك العلامة الجليل محمد عبدالله دراز رحمه الله، وكلامه منقول في الملتقى. وقد أشار إلى ذلك الدكتور عويض في حديثه في الحلقة الأولى من التفسير المباشر فيما أذكر والحلقة متوفرة على الملتقى حيث أشار إلى محورية قوله تعالى: (((اهدنا الصراط المستقيم))) في السورة. وهي مسألة اجتهادية يتفاوت فيها نظر المفسرين والباحثين قديماً وحديثاً، ولذلك فقولك (ما من شك أن الآية المحورية لسورة الفاتحة هي (اهدنا الصراط المستقيم)) فيه مجازفة علمية.كيف يكون فيه مجازفة علمية وهي مسألة خلافية كما تفضلتم آنفاً
وفقكم الله لكل خير أخي العزيز، وأرجو ألا يكون في إبداء رأيي الخاص فيما تفضلتم به ما يكدر الخاطر إن شاء الله، ولكن طلبكم المداخلة دعاني للتعقيب.وإياكم أخي الفاضل ولكن ولأجل الإنصاف والحق فقد تعودنا من خلال النقاش الذي يخص آيات القرآن العظيم ولو لطالب من طلاب الإعدادية أن نخصص بعض إيجابيات ما يكتب فلا نغفلها الى جانب أيضاح كل الفجوات التي تعتري أي بحث أو كتابة.
كلي غبطة وسرور شيخنا الفاضل في استدراكي على ما تفضلت به وإني والله لك من الشاكرين على كل نصح فيه خير لمسيرتي التعليمية التي انتهجها ولن أحيد عنها ما دام أمثالكم يهدي الينا الطريق ويبصرنا بكل شفافية على ما نحن فيه من هفوات.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[31 Aug 2010, 01:01 ص]ـ
السلام عليكم أخي تيسير , وجزاك الله خيراً على ما أفدت
والذي أفهمه من تعقيب الشيخ عبد الرحمن: الدعوة إلى تجويد الأسلوب , والارتقاء بمستوى الكتابة , ورفع المادة المعروضة إلى ما يقارب البحث العلمي في الفكرة والأسلوب.
وليس في هذا إلا الخير بحمد الله , وهي دعوة تكررت من سنين ومع الكثير من إخواننا , ولا نزال ندعوا إليها كل كاتب ومفيد.
والمجازفة العلمية المذكورة تكمن في الجزم في مقام الاحتمال , وهذا صحيح , وقد ذكرتَ رعاك الله أنك قلتَ ما قلتَ ولم تطلع على كلام ولا مرجع؛ ومن كان كذلك لا ينبغي له التعبير بمثل: (ما من شك)؛ بل الواجب قبل ذلك الاطلاع على الكلام والمراجع , والنظر في أدلة ومآخذ الأقوال الأخرى , والجواب عنها , ثم تأخذ بأيدينا بيقين إلى النتيجة التي وصلت إليها. شكر الله لك.
¥