تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Sep 2010, 05:58 م]ـ

"عندما يصبح إعجاز القرآن مصدراً للكسب"

العنوان اتهام بغير دليل والمقال يهدم ولا يبني

وما ذكره الدكتور البوطي لا يسوغ مثل هذا العنوان

ثم إنه كلام يمكن الجواب عليه بالآتي:

أولا: إنه من الناحية العلمية غير دقيق، وأستطيع أن أقول إنه أقرب للكلام الإنشائي منه إلى الكلام العلمي، والدليل:

أنه قال:

"ليس في الناس الذين عرفوا القرآن، فقرؤوه أو قرؤوا شيئاً منه، من لا يعلم أنه معجز، وليس فيهم من يجهل أن لإعجازه وجوهاً كثيرة، وأن إخباره ببعض الحقائق العلمية الثابتة التي لم تكن معروفة للناس من قبل، واحد من هذه الوجوه."

فهو هنا يقر بأن أحد وجوه إعجاز القرآن إخباره ببعض الحقائق العلمية.

ثم هو يعطينا مثالا على ذلك فيقول:

"وذلك مثل إخباره بأن ضياء الشمس منبثق من ذاتها، وأن نور القمر منعكس إليه من غيره، في مثل قوله تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) [يونس:5]. إذ المضيء في اللغة هو الشيء الذي ينبثق الضياء من داخله، والمنير هو الذي يتجه إليه الضياء من جرم آخر، فأنت تقول - فيما تقرره اللغة - غرفة منيرة ولا تقول غرفة مضيئة."

وإذا درجنا على طريقة الدكتور البوطي في مقاله فيمكن أن نقول:

أين الإثبات على هذه الحقيقة العلمية؟

من قال بذلك ممن لا يتخذون إعجاز القرآن مصدرا للكسب؟

ثم إذا رجعنا لكلام السلف حول هذه الآية نجد في بعض أقوالهم ما يرد هذه المقولة

فهذا الطبري يقول:

"حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، والقمر آية الليل، والشمس آية النهار، فمحونا آية الليل: السواد الذي في القمر."

وبناء عليه يمكن القول أن ضوء القمر ذاتي وغير مستمد من الشمس.

ثم يقول:

"إذ المضيء في اللغة هو الشيء الذي ينبثق الضياء من داخله، والمنير هو الذي يتجه إليه الضياء من جرم آخر، فأنت تقول - فيما تقرره اللغة - غرفة منيرة ولا تقول غرفة مضيئة."

وهذا يحتاج إلى دليل قاطع، وإذا كان الدكتور البوطي يستند إلى اللغة فأقول إن اللغة قد جاءت بغير ما ذكر، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن رؤيته لربه قال:

"رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ" صحيح مسلم

فهل الله تعالى يستمد نوره من غيره؟

وروى الطبراني:

"حَدَّثَنَا بِشْرُ بن مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ السَّلامِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مِكْرَزٍ، أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن مِكْرَزٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ:"إِنَّ رَبُّكُمْ تَعَالَى لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ، وَلا نَهَارٌ، نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ"

ثم إنا نجد في اللغة عكس ما ذكر الدكتور البوطي

روى أحمد رحمه الله والبيهقي في شعب الإيمان:

عن العرباض بن سارية، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك؛ دعوة إبراهيم وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين، وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام»

فهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: نور ولم يقل ضياء. وقال: أضاءت ولم يقل أنارت.

وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا."

ثم يقول الدكتور البوطي:

"ولكن الشيء الذي لا يقبله عقل العقلاء أياً كانوا، مؤمنين أو جاحدين، أن يعمد أحدنا إلى آية من القرآن فيفرغها من دلالتها الظاهرة التي تنزلت بها، ثم يجعلها وعاء (قبلت اللغة العربية أم لم تقبل) لظنون علمية ربما ظهر فيما بعدُ بطلانها! .. "

وأقول:

نعم هذا غير مقبول، ولكنه قد ينطبق على مثالك الذي قبلته وقدمته لنا.

ثم يقول الدكتور البوطي:

"لقد غدت هذه الطريقة في إثبات الإعجاز العلمي للقرآن ذائعة شائعة، يتسابق إليها ذوو الأحلام التوسعية المتنوعة، وأُنشِئت لهؤلاء المتسابقين مؤسَّساتٌ، ورُسِمت لها ميزانيات، ورُتب لها مديرون وإدارات، وأحيط ذلك كلُّه بهالة من الدعايات.

فهل دعت هذه الطريقةُ الناس التائهين عن القرآن إلى الالتفات إليه والإقبال عليه؟ .. أم هل أورثت المجادلين بشأنه، المستخفّين بحقائقه انعطافاً إليه وإيماناً بربانيته ويقينياً بالوجوه الإعجازية (العلمية) التي تتوازع المتسابقين إدعاءآتُ السبقِ والاكتشافِ لها؟ .. "

أقول:

نعم لقد أثمرت تلك الهيئات التي عنيت بالإعجاز القرآني وآتت أكلها والشواهد على ذلك أصبحت ظاهرة لكل منصف.

ثم يقول الدكتور:

"إنني على علم بأن هذه الطريقة لم تزد التائهين عنه إلا تيهاً وإعراضاً، ولم تزد المرتابين فيه إلا شكاً، بل إنها لم تنقلهم من الشك فيه إلا إلى الجحود به. بل إني لأخشى أن أقول: إن في المقبلين إلى كتاب الله هذا، والمستأنسين بخطابه وتعاليمه، من زجّتهم هذه الطريقة (الاحترافية)، إذ وثقوا بها فتابعوها، في حالة من الارتياب فيما كانوا مؤمنين به، وفي الإعراض عما كانوا مقبلين إليه! .. "

وأقول:

غريب هذا الكلام!!!

وجوابي عليه اختصره بقولي:

نحن نرى العكس تماما فالشواهد المكتوبة والمسموعة والمرئية تؤكد عكس ما يقوله الدكتور.

أكتفي بهذا القدر لضيق الوقت

وأرجو أن ييسر الله الوقت للوقوف مع الأمثلة الأخرى التي ذكرها الدكتور البوطي " قميص يوسف، وانشقاق القمر، وإنزال الحديد"

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير