تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"فى هذا الحديث أن أسيد بن حضير رأى مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: «تلك الملائكة تنزلت للقرآن»، وقال - صلى الله عليه وسلم - فى حديث البراء فى سورة الكهف: «تلك السكينة نزلت للقرآن». فمرة أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن نزول السكينة، ومرة أخرى عن نزول الملائكة، فدل على أن السكينة كانت فى تلك الظلة وأنها تنزل أبدًا مع الملائكة، والله أعلم، ولذلك ترجم البخارى باب نزول السكينة والملائكة عند القراءة."

ويشهد لقول أن السكينة تنزل مع الملائكة الحديث الصحيح:

"وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ" رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال النووي رحمه الله تعالى في شرحه على مسلم:

"قَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى (السَّكِينَة) هُنَا أَشْيَاء الْمُخْتَار مِنْهَا: أَنَّهَا شَيْء مِنْ مَخْلُوقَات اللَّه تَعَالَى فِيهَا طُمَأْنِينَة وَرَحْمَة وَمَعَهُ الْمَلَائِكَة. وَاللَّهُ أَعْلَمُ."

وهذه الأقوال تشهد له آيات القرآن الكريم:

(ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) سورة التوبة (26)

(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة (40)

نخلص من كل ذلك أن السكينة مصدرها علوي وتنزلها تنزل حقيقي، لا كما ذهب إليه الدكتور.

الآية الثانية:

"ويقول عز وجل: (لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك) [هود: 12] أي هلّا حلّ لديه وفي ملكه كنز."

وهذا التفسير غريب جدا

نحن عرب يا دكتور والذين نزل بلغتهم القرآن يعون ما يقولون ولا أحتاج إلى الإطالة في أن مرادهم هو إنزال كنز من السماء كآية ومعجزة، يؤكد هذا قول الله تعالى:

(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8)) الفرقان

قال بن الجوزي في زاد المسير:

" {أو يُلقَى إِليه كَنْزٌ} أي: ينزل إِليه كنز من السماء"

وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في فتح القدير:

" {أَوْ يلقى إِلَيْهِ كَنْزٌ} معطوف على أنزل، ولا يجوز عطفه على فيكون، والمعنى: أو هلا يلقى إليه كنز، تنزلوا من مرتبة نزول الملك معه، إلى اقتراح أن يكون معه كنز يلقى إليه من السماء؛ ليستغني به عن طلب الرزق".

الآية الثالثة:

قال الدكتور:

"ومثله قوله تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوأتكم وريشاً) [الأعراف 26]."

ولا أدري ماذا يقصد الدكتور بقوله: ومثله؟ هل يعني أن أنزل هنا بمعنى "أَحلّ عليكم "، فإن كان كذلك، فأقول لم أجد في اللغة واستشهاده بالآيتين السابقتين ما يسند كلامه، ولا في كلام المفسرين أيضا، قال بن الجوزي في زاد المسير:

"وفي معنى: {أنزلنا عليكم} ثلاثة أقوال.

أحدها: خلقنا لكم. والثاني: ألهمناكم كيفية صنعه. والثالث: أنزلنا المطر الذي هو سبب نبات ما يتخذ لباساً."

ومن هنا لا نجد في كلام المفسرين شيئا منسوبا إلى المعصوم ما تستريح إليه النفس، ولهذا كانت هذه الآية ومعها آية الأنعام في الزمر،والحديد في الحديد، محل اجتهاد وبحث لتفسير معنى اختيار لفظ الإنزال دون لفظ الخلق أو غيره من الألفاظ.

قال الرازي رحمه الله في مفاتيح الغيب:

"في نظم الآية وجهان:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير