ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Sep 2010, 03:13 م]ـ
مرحباً أخي الحبيب أبا سعد:
إن كلام الدكتور سعيد حفظه الله منطقي وسليم، فهو لا ينكر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من حيث الوجود - كما ذكر الدكتور عبد الفتاح جزاه الله خيرا - ولكنه ينكر على المتاجرين فيه الذين لديهم هوس بكل ما يدعى (علمي) دون النظر بمصداقيته في الواقع وارتباطه بالآية من حيث الدلالة، وما تفضلتم به له محل من النظر والبحث، فسيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام لم يعصر قميص يوسف ويقطر عرقه في عينه ليرتد بصيراً، كما أن اعتقادك بأن ريح يوسف أعادت عمل وظائف الجسم في نبي الله يعقوب اعتقاد تقف به أمام الله تعالى ولكن ليس بملزم لغيرك لأن يوسف نبي وله معجزات تظهر تفضيل الله له على أخوته فلا أخالك أخي أبا سعد تمشي على قدم رشيد رضا في علمنة المعجزات وجعلها من جملة الماديات، وأما انشقاق القمر فقد حصل حوله جدل في مصداقية صحة الصورة حتى دخلت على موقع سانا ورأيت بعض الصور المأخوذة عن طريق الأقمار الصناعية التي تبين وجود تشققات بالفعل، ولكن هل هناك تصريح ممن استكشف هذه التشققات في بيان أنها تسببت من انفصال شقي القمر وتباعدهما ثم عودتهما، أم أن إسقاط حصول هذ التشققات في القمر على واقعة معجزة النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل الاحتمال النظري، ثم ظاهر الرواية أن القمر انشق نصفين وفهمنا يقود لى أن الانشقاق طولي فهل هذه التشققات طولية أم عرضية، .. وكم هو عمق هذه التشققات؟ .. هذه أسئلة تحتاج إلى أجوبة وبما أن الكلام هنا دون إثبات علمي فهو مضيعة للوقت ويكفينا الحقيقة القرآنية حول هذه المعجزة التي تواترت نقلاً كما تواترت قرآناً.
إن الكتابات في الإعجاز العلمي يا أخي العزيز أبا سعد صارت عند بعضهم - كما يقال - (شغل لمن لا شغل له)، ولا يجوز تعميم كلام الدكتور سعيد على كل من كتب في هذا الاتجاه أيضاً ولكن الأمر يحتاج للتقوى والله المستعان.
كون الدكتور سعيد لا ينكر الإعجاز العلمي فمسلم لأنه أشار إلى ذلك في مقاله.
ولا إشكال عندي في كونه ينكر المتاجرة بقضية الإعجاز.
أما كون كلامه منطقي وسليم فهذا ما لا أتفق معك فيه، وقد بينت افتقار كلامه إلى المنطق والسلامة في ردودي عليه.
...
أخي الكريم:
الله تعالى أمرنا بتدبر بكتابه واستنباط الفوائد التي تعود علينا بالنفع في ديننا ودنيانا، وما ذكرته بشأن يعقوب عليه السلام ما هو إلا فهم دلت عليه النصوص والآيات التي أمرنا الله بتدبرها.
يعقوب عليه السلام قال في تبريره موقفه من عدم إرسال يوسف عليه السلام مع إخوته:
(قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ)
وأخبر الله عنه في قوله:
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) سورة يوسف (84)
وهنا نلاحظ أن الله نص على أن علة ابيضاض عيني يعقوب عليه السلام هو الحزن.
وأيضا نرى أن أبناء يعقوب عليه السلام خشوا على أبيهم من المرض أو الهلاك بسب تذكر يوسف والحزن عليه:
(قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) يوسف (85)
إذا الحزن له أثر في صحة الإنسان واعتلال جسده، هذا ما تشير إليه الآيات وعرفه الناس بالملاحظة، ألا يدعونا هذا إلى البحث كيف يحدث الحزن العلل في الجسد؟
أنا اعتقد ذلك، وأن هذا جانب من جوانب هداية القرآن للتي هي أقوم في جميع أمور الحياة، وهي دعوة لعلماء الطب عموما والطبي النفسي على وجه الخصوص للبحث والتنقيب.
يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى:
"وأن الحزن هو السبب لعدم الإبصار كما هو الظاهر. فإن توالي إحساس الحزن على الدماغ قد أفضى إلى تعطيل عمل عصب الإبصار"
ثم إن الآيات تخبرنا أن يوسف عليه السلام قد علم بفقد أبيه لبصره، وهذا من خلال قول الله تعالى:
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) يوسف (93)
وقال تعالى مشيرا إلى أثر القميص على يعقوب عليه السلام:
(فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) يوسف (96)
¥