ويدل على ذلك قول أبي ذر – رضي الله عنه – صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها وهي قوله تعالى {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
قال ابن القيم – رحمه الله -: قراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم.
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ..... فالعلم تحت تدبر القرآن
قال ابن الجزري – رحمه الله -: والصحيح ما عليه معظم السلف وهو أن لترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من السرعة مع كثرتها.
كيف نتدبر القرآن:
هناك عدة أمور يكون بها تدبر القرآن:
1/ الاستعاذة .. قال تعالى {فإذا قرئ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}
ومعلوم أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان إذا تلا القرآن، ولهذا أمر الله بالإستعاذة عند القراءة، فالاستعاذة تمنع الشيطان من أن يفسد مافي القلب من الهدى والنور بتفهم القرآن وتدبره.
2/ التغني بالقراءة وتحسينها .. لقوله تعالى {ورتل القرآن ترتيلا}
قال ابن كثير – رحمه الله -: المطلوب شرعاً إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه.
3/ الجهر بالتلاوة .. لتعين القارئ على جمع قلبه على المعاني وتمنع شرود الذهن.
قال النووي – رحمه الله - عن الحكمة من مشروعية الجهر: أنه يتعدى نفعه إلى غيره ويوقظ القلب، ويجمع همّه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه.
4/ الإنصات عند سماع القرآن .. لقوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}
قال الشوكاني – رحمه الله -: أمرهم الله بالاستماع للقرآن والإنصات له عند قراءته لينتفعوا به ويتدبروا ما فيه من الحكم المصالح.
وقال الليث: يقال ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن لقوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
5/ صلاة الليل والقراءة فيه .. حيث قال سبحانه {إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا}
قال ابن عباس – رحمه الله -: وقوله " أقوم قيلا " هو أجدر أن يفقه القرآن.
ويقول ابن حجر – رحمه الله - عن مدارسة جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان: المقصود الحضور والفهم، لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية.
6/ تكرار الآية:
وتكرار الآيات من أهم الأمور التي تساعد على التدبر، فكررها مراراً حتى تتدبرها، وتظهر لك معاني جديدة عند كل تكرار.
قال محمد بن كعب: لأن اقرأ " إذا زلزلت " و"القارعة " أرددهما وأتفكر فيهما أحب من أن أبيت أهذ القرآن.
وقال النووي – رحمه الله -: وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم الآية الواحدة ليلة كاملة أو معظمها يتدبرها عند القراءة.
7/ صفاء الذهن:
وأفضل الأوقات لذلك آخر الليل أو بعد صلاة الفجر.
علامات تدبر القرآن:
ü اجتماع القلب والفكر حين الفراءة، ودليله التوقف تعجباً وتعظيما.
ü البكاء من خشية الله أو التباكي.
ü زيادة الإيمان ودليله التكرار العفوي للآيات.
ü الفرح والاستبشار بذكر الجنة وما أعده الله للمؤمنين بذكر عفوه ورحمته وفضله على عباده وإجابته دعاء الداعين.
ü القشعريرة خوفاً من الله عند ذكر العذاب والوعد والوعيد ثم غلبة الرجاء والسكينة.
ü الخضوع لأوامره واليقين بأخباره.
أمور متوقفة على تدبر القرآن:
? عظم أجر التلاوة:
إن أجر التلاوة يرجى بأداء التلاوة، ولكن عظم الأجر يرجبى بمزيد التدبر والاعتبار بما يتلوه القارئ.
قال النووي – رحمه الله -: اعلم أن التلاوة أفضل الأذكار والمطلوب القراءة بفهم.
? حصول بركة القرآن:
قال تعالى {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}
قال شيخ الإسلام – رحمه اله -: ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بعقله، وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والهدى وشفاء القلوب والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا منظومه ولا منثوره.
? حصول الصحبة مع القرآن:
يقول ابن القيم – رحمه الله -: صاحب القرآن هو العالم به العامل بما فيه، وإن لم يحفظه عن ظهر القلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل به فليس من أهله وإن أقام حروفه.
? تدبر القرآن حل لجميع مشكلاتنا النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية:
¥