أما آن الأوان لكي نحيا بالقرآن، نعم القرآن حل لمشاكلنا، فالنفسية مثلاً الحزن وقد نبذه الله تعالى ورتب الإيمان على عدم الحزن فقال سبحانه {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} فإن كنتم مؤمنين لا تحزنوا، لأن المؤمن ما خلق ليحزن وإنما خلق ليتفاءل ويعيش حياته سعيداً بطاعة الله، وقد ذكر الله أن الشيطان هو السبب في حزن المؤمن فقال {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
وكذلك مثل من يتطاول عليك بالكلام فتذكر قوله تعالى {والكاظمين الغيظ}، ومن ظلم وتعرض للمكيدة فليتذكر قصة يوسف عليه السلام.
والاقتصادية بالتصدق وبذل المال.
يقول د. عبدالكريم بكار: صدقة السر واحة أمان ومصدر غنى، وإني لأعجب لمسلم يعتقد أن الله يضاعف الصدقة أضعافاً مضاعفة، ثم لا يجعل منها باباً لتفريج كروبه المالية.
موانع تدبر القرآن:
1. أمراض القلوب والإصرار على الذنوب:
وهي من أعظم وأهم الموانع عن تدبر القرآن،فإن أمراض القلوب وفساد الباطن كالرياء والمبالغة في طلب الدنيا والغل والحسد والكبر تسبب ظلمة تكسو القلب وتمنع من دخول نور القرآن وهدايته.
قال تعالى {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}
قال ابن قدامة – رحمه الله -: وليتخلّ التالي عن موانع الفهم، ومن ذلك أن يكون مصراً على ذنب أو متصفاً بكبر أو مبتلى بهوى مطاع، فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه.
2. انشغال القلب وشرود الذهن:
المانع الأول وهو أمراض القلوب سبب في شرود الذهن وانشغاله.
قال ابن القيم – رحمه الله -: الناس ثلاثة رجل قلبه ميت، الثاني: رجل له قلب حي لكنه مشغول ليس بحاضر، فهذا أيضا لا تحصل له الذكرى، والثالث: رجل حي القلب مستعد، تليت عليه الآيات فأصغى بسمعه، وألقى السمع، وأحضر القلب، ولم يشغله بغير فهم ما يسمع،فهو شاهد القلب، فهذا القسم هو الذي ينتفع بالآيات.
3. قصر الهمة على كثرة القراءة أو تحقيق القراءة وحسن التلاوة:
قال ابن الجوزي – رحمه الله -: قد لبس على قوم بكثرة التلاوة فهم يهذون هذا من غير ترتيل ولا تشبت، وهذه حالة ليست بمحمودة.
4. قصر معاني الآيات على قوم مضوا:
وأن الواقع لا يدخل تحت ما في القرآن من الهدى، ولذا كان هذا صارفاً لكثير من الناس عن إمعان النظر في القرآن.
قال الشيخ عبداللطيف آل الشيخ: وربما سمع بعضهم قول من قال من المفسرين هذه نزلت في عبّاد الأصنام، هذه في النصارى، هذه في الصائبة، فيظن أن ذلك مختص بهم وأن الحكم لا يتعداهم، وهذا أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن.
5. الاعتقاد بصعوبة فهمه:
وهذا خطأ فالقرآن يسره الله تعالى للفهم والتدبر، قال تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.قأ}
قال ابن هبيرة- رحمه الله -: ومن مكايد الشيطان تنفيره عباد الله من تدبر القرآن لعلمه أن الهدى واقع عند التدبر، فيقول: هذه مخاطرة، حتى يقول الإنسان أن لا أتكلم في القرآن تورعا.
6. قطيعة الرحم:
وهي من الأسباب الحاجبة عن فهم كتاب الله والانتفاع به، ويدل على ذلك الربط بين قطيعة الرحم وتدبر القرآن في قوله تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم * أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}
فالقاطع ما كان ليقطع رحمه لو أنه تدبر كلام ربه.
وجاء في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن الله تعالى قال للرحم: (ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى يارب، قال: فذاك)
الأعداء والقرآن:
لما عرف الأعداء أهمية القرآن ومدى تأثيره على المسلمين في صلاح المجتمع أخذوا يعدون العدد لصرف المسلمين عن كتاب ربهم
فهذا قلادستون يقول لقومه: مادام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان.
ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على الاستعمار في الجزائر: إننا لن ننتصر على الجزائريين ماداموا يقرءون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم، ونقتلع اللسان العربى من ألسنتهم.
فلنكن متميزين بالقرآن " الشخصية القرآنية ":
نعم فلنتحلى بالشخصية القرآنية، وهي تحتاج إلى أمور:
1 - قلة المخالطة إلا لمصلحة وحاجة، فإن كثرة مخالطة أهل الباطل تنسي القرآن.
2 - القراءة والمدارسة في أكثر من كتاب تفسير كابن كثير والسعدي وأبي بكر الجزائري.
3 - سرعة الاستجابة والتنفيذ لما جاء في القرآن قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}
4 - التواجد بين صحبة صالحة تعين على السمو والترقي.
هذا واسأل الله سبحانه التوفيق والسداد وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المراجع: مفاتيح تدبر القرآن والنجاح في الحياة ... د. عبدالكريم اللاحم
تدبر القرآن – سليمان السنيدي
الحياة من جديد – د. أسماء الرويشد