ح - ابن الراوندي: أبو الحسن أحمد بن يحيى (293هـ وقيل غير ذلك) قيل أنّه عارض القرآن بكتاب سماه (التاج) وممّا قاله المعري في انتقاد هذا الكتاب والردّ عليه قوله في رسالة الغفران: ( .. وأما تاجه فلا يصلح أن يكون فعلا ... وهل تاجه إلاّ كما قالت الكاهنة: أفٍّ وتُفّ وجوربٌ وخفّ. قيل: وما جورب وخف؟ قالت: واديان بجهنّم)
خ - المتنبي (354هـ): تنبأ وفي عمره سبعة عشر عاما ببادية السمَّاوة بين الكوفة والشام وقد تبعه قوم كُثر ثم ما لبث أن عاد إلى رشده وممّا يؤثر عنه قوله: (والنجم السيّار , والفلك الدوّار , والليل والنهار , إنّ الكافر لفي أخطار , امض على سُنّتِك , واقْفُ أثر من قبلك من المرسلين , فإنّ الله قامعٌ بك زيغ من ألحد في دينه وضلّ عن سبيله ... )
د - أبو العلاء المعري (449هـ): زعموا أنّه ألف كتابا في معارضة القرآن سمّاه (الفصول والغايات في مجاراة السور والآيات) ممّا جاء فيه قوله: (أقسم بخالق الخيل , والريح الهابّة بليل , بين الشرط مطلع سهيل , إنّ الكافر لطويل الويل , وإنّ العمر لمكفوف الذيل , تَعَّدَ مدارج السيل , زطالع التوبة من قبيل , تنج وما إخالك بناج.) قال الأستاذ الرافعي معلقا على هذا الكلام المسجوع لا غير: (فلفظة "ناج" هي الغاية , وما قبلها فصل مسجوع , فيبتدئ بالفصل ثم ينتهي إلى الغاية , وهذا كما ترى عكس الفواصل في القرآن الكريم , لأنّها تأتي خواتم لآياته , فكأن المعارضة نقضٌ للوضع ومجاراة للموضوع , وكأنها صنعة وطبع.)
شبهة 1: زعموا أنّ العرب في زمن النبوة عارضوا القرآن بسور وربما بكتب ولكن صولة الإسلام وقوة دولته أخفت ذلك كلّه ومحته عن الوجود حتى لا يصلنا شيء منه
والجواب أنّه رجم بالغيب وتخيّل مناف للمنهج العلمي يحتاج إلى أدلة ونقول تثبته
يقول السحباني في الردّ على هذه الشبهة: (إنّه رجمٌ بالغيب وتصوّر باطل لا تصدقه الموازين التاريخية والعلمية، إذ لو كانت ثمة معارضة ومقابلة، لما اختفى على العرب المعاصرين ولا على غيرهم. كيف، وإن الإتيان بمثل معجزته، يسجل للمعارض خلود الذكر وسموّ الشرف، بل لَسَعى أعداء الإسلام في نشره بين المعتنقين لدينه وغيرهم، لأنّهم يجدون فيه بغيتهم.)
ويقول الخوئي: (إنّ هذه المعارضة لو كانت حاصلة لأعلنتها العرب في أنديتها، وشَهَرتها في مواسمها وأسواقها، وَلأَخذ منه أعداء الإسلام نشيدا ًيوقعونه في كل مجلس، وذكراً يرددونه في كل مناسبة، وعَلَّمَه السلف للخلف، وتحفّظوا عليه تحفّظ المدعي على حجّته، وكان ذلك أقرّ لعيونهم من الإحتفاظ بتاريخ السلف. كيف، وأشعار الجاهلية ملأت كتب التاريخ وجوامع الأدب، مع أنا لا نرى أثراً لهذه المعارضة .. )
وممّا قاله الإمام الخطابي مفندا هذا الزعم الباطل قوله: (إنّ هذا السؤال ساقط , والأمر فيه خارج عمّا جرت به عادات الناس من التحدّث بالأمور التي لها شأن وللنفوس بها تعلق , وكيف يجوز ذلك عليهم في مثل هذا الأمر الذي قد انزعجت له القلوب , وسار ذكره بين الخافقين. ولو جاز ذلك في مثل هذا الشأن مع عظم خطره , وجلالة قدره , لجاز أن يقال إنه خرج في ذلك العصر نبي آخر وأنبياء ذوو عدد , وتنزّلت عليهم كتب من السماء وجاءوا بشرائع مخالفة لهذه الشريعة , وكتم الخبر فيها فلم يظهر , وهذا ممّا لا يحتمله عاقل ... )
شبهة 2 أنّ الذين أقدموا على معارضة القرآن هم سفلة القوم وجهلتهم لهذا جاءت هذه المعارضات بهذا الشكل الهزيل ولو تقدم لهذا الأمر فصحاء العرب وحكمائهم لأتوا بمثل القرآن أو بما هو أفضل منه
والجواب على هذه الشبهة من جهتين اثنين أولاهما: أنّ الواقع يكذّب هذا الزعم فالذين عارضوا القرآن ــ ممّن سبق ذكرهم ــ ليسوا سفلة ولا أراذل قومهم بل هم سادة القوم وشرفائهم وهم قادة قبائلهم وحكمائهم ... فمسيلمة بن حبيب سيّد اليمامة وزعيمها بلا منازع وكذلك جلّ من ذكر من المتنبئين في الزمن الأوّل ... وقد ملكوا من الفصاحة وأدوات البلاغة الشيء الكثير فلا يظنّنّ القارئ لمعارضاتهم المتقدمة أنّهم جاهلون بفنّ البيان ومواضع الكلام فمسيلمة كان معروفا بلسانه القويم وكلامه الفصيح والجميل وهو القائل لسجاح بنت الحارث (هل لكِ أن أتزوّجك فآكل بقومي وقومك العرب) فهذه كلمة بسيطة ولكنها بليغة حيث خَيّلَ لسجاح أنّه يريد أكل العرب بقومه
¥