لأننا لا نوفر للقرآن الشروط التي يحتاجها لتظهرَ آثارُ معجزته ويقوم بمهمة التغيير، فلقد اقتصر اهتمامنا بالقرآن على لفظه، واختزل مفهومُ تعلم القرآن على تعلم حروفه، وكيفية النطق بها دون أن يصحبَ ذلك تعلمُ معانيه، وأصبح الدافعُ الرئيسي لتلاوته هو نيل الثواب والأجر دون النظر إلى ما تحمله آياته من معان هادية وشافية، مما جعل الواحدَ منا يسرح في أودية الدنيا وهو يقرأ القرآن، ويفاجأ بانتهاء السورة ليبدأ في غيرها، ويبدأ في السرحان مرة أخرى دون أن يجد حرجاً في ذلك، بل إنه في الغالب ما يكون سعيداً، وفرحاً بما أنجزه من قراءة كماً لا كيفاً!
ندير مؤشر المذياع على صوت قارئ القرآن، ثم نتركه يرتل الآيات، ويخاطب بها الجدران (وأستغفر الله من هذا اللفظ، فإنه عظيم)، أو للبركة، أو من أجل العين، أو الحسد، أو السحر فقط، هذا هو حالنا وواقعنا مع القرآن، ثم ينصرف كل منا إلى ما يشغله، فأين الاستماع إلى القرآن؟.
هذا هو تعاملنا مع القرآن، تعاملٌ شكليٌّ لاحقيقة فيه، تعاملٌ مع حروفه، تعاملٌ مع التغني به، تعاملٌ مع تجويدِهِ وقراءتِهِ على عدةِ أوجه .. تعاملٌ لجعله فقط رُقى نعالج به المرضى ...
وهذا، والله طيب، ولكن أين التعامل الحقيقي مع القرآن، أين التعامل مع معانيه، أين التعامل مع حدوده وواجباته، وأوامره ونواهيه، أين التعامل مع توجيهاته وتوصياته، أين التعامل مع التفقه فيه، أين التعامل مع أوامره ونواهيه، لهذا فقدنا تأثير القرآن، فقدنا معجزة القرآن، تغيرت علينا أنفسُنا وقلوبنُا وأصبحنا لا ننتفع بالقرآن.
فلا بد من عودة لنحيا بالقرآن ..
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال2] ..
(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ (92) [النمل].
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تم بحمد الله تعالى ..
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[07 Sep 2010, 01:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو تيماء]ــــــــ[07 Sep 2010, 05:36 ص]ـ
يعطيك العافية يا شيخ ضيدان
على هذه الكلمات المباركات ..
وأظن أن الأمر متعلق بالتوفيق والإعانة، والحرمان والخذلان
ولا يخفاك ما ماز الله به تعالى الرعيل الأول رض3 من غيرهم
ولا يمنع أن يتحقق ذلك بعدُ في جماعة محدودة أو أفرادٍ معينين بفضله ومنّه عز وجلّ
كما أن الله سبحانه - يغار على كتابه إذا جمع العبد به ما يضاده فيصرفه عنه ..
وأيضاً لطبعنا وجبلتنا الناقصة المقصّرة نحتاج دوماً إلى التذكير والموعظة والتوسع في ذلك
أما أن تطمع أن نكون ملائكة لا نذر صغيرة ولا كبيرة منه إلاّ قمنا بها .. فهيهات!
أسأل الكريم الرحمن لي ولك، ولكل مسلم أن يجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا
وجلاء همومنا وغمومنا وأن يتوفانا وهو راضٍ عنّا
يارب ..
ـ[أبو سلمان أنورصالح]ــــــــ[21 Oct 2010, 10:06 ص]ـ
جزاك الله خير موضوع جميل نحن بحاجة ان نعيش مع القرآن محبك ابو سلمان