تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالصرفة حيث يقول: (فمحال أن يعظموه وأن يبهتوا عند سماعه، ويستكينوا له، وهم يرون فيما قالوه وقاله الأولون مايوازيه، ويعلمون أنه لم يتعذر عليهم، لأنهم لا يستطيعون مثله، ولكن وجدوا في أنفسهم شبه الآفة، والعارض يعرض للإنسان فيمنعه بعض ما كان سهلا عليه، بل الواجب في مثل هذه الحال أن يقولوا: - إن كنا لا يتهيأ لنا أن نقول في معاني ما جئت به ما يشبهه، إنما نأتيك في غيره من المعاني بما شئت، وكيف شئت، بما لا يقصر عنه)

10) لكلّ نبيّ معجزة تتوافق وطبيعة قومه وقدراتهم فموسى عليه السلام بعث في قوم كثر فيهم السحر وبعث كلّ من هود وصالح في قوم فتنوا بالتفاخر والتعالي في البنيان وبعث عيسى عليه السلام في قوم يحسنون الطب ويشتغلون به ــ وقيل غير ذلك ــ وبعث نبينا عليه الصلاة والسلام في قوم صناعتهم الكلام يقول ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ما نصه: (وإنما يعرف فضل القرآن من كثُر نظره واتّسع علمه وفهم مذاهب العرب وافتنانها في الأساليب وما خصّ الله به لغتها دون جميع اللغات فإنه ليس في جميع الأمم أمة أوتيت من العارضة والبيان واتّساع المجال ما أوتيته العرب خِصيصَا [خِصيصَ] من الله لما أرهصه في الرسول صلى الله عليه وسلم وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب فجعله عَلَمَهُ , كما جعل عَلَمَ كلّ نبيّ من المرسلين مِن أشبهِ الأمور بما في زمانهم المبعوث فيه: فكان لموسى فلق البحر واليد والعصا وتفجّر الحجر في التيه بالماء الروّاء على سائر أعلامه زمن السحر وكان لعيسى إحياء الموتى وخلق الطير من الطين وغبراء الأكمه والأبرص إلى سائر أعلامه زمن الطبّ وكان لمحمد صلى الله عليه وسلم الكتاب الذي لو اجتمع الجنّ والإنس على أن يأتوا بمثله لم يأتوا به ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا إلى سائر أعلامه زمن البيان ... ) ويقول الجاحظ في حجج النبوة: (بعث الله محمدا- صلى الله عليه وسلم - أكثر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا، وأحكم ما كانت لغة، وأشد ما كانت عدة، فدعا اقصاها وأدناها إلى توحيد الله، وتصديق رسالته، فدعاهم بالحجة، فلما قطع العذر وأزال الشبهة، وصار الذي يمنعهم من الاقرار الهوى والحمية، دون الجهل والحيرة، حملهم على حظهم بالسيف، فنصب لهم الحرب ونصبوا، وقتل من أعلامهم، وعليائهم، وأعمامهم، وبني أعمامهم، وهو في ذلك يحتج عليهم بالقرآن، ويدعوهم صباحا ومساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة، أو بآيات يسيرة، فكلما ازداد تحديا لهم بها، وتقريعا لعجزهم عنها، تكشف من نقصهم ما كان مستورا، وظهر منه ما كان خافيا .. إلى أن يقول: إن القرآن إذ تحداهم بالحجة، ولم يقدروا على الإتيان بمثله عجزا منهم ووهنا، لا تهاونا وتغافلا، لأن الاتيان بمثل أصغر سورة منه كان كفيلا بأن يكفيهم قتل الأنفس والأولاد، وأن التقريع بالعجز أشد على نفوس العرب، والبدو خاصة، لما فيهم من الأنفة والعزة، فكيف والقرآن يتحداهم في أخص خصائصهم وهو البيان، وهم قد عرفوا فيه بالبراعة والبلاغة .. ؟)

11) صرف الناس وحملهم قهرا على شيء معين من خصائص الله سبحانه وتعالى ولا يتحدى به إلاّ من ادّعى شيئا منها كما فعل إبراهيم عليه السلام مع النمرود في مسألة إحياء الموتى وشروق الشمس وغروبها أما العرب فهم مقرون بقدرة الله على الإحياء والإماتة والخلق والرزق ... وعلى الصرفة فلا يجوز أن يتحدون بما يقرون به أصلا ...

12) جميع المعجزات السابقة استمدت إعجازها من ذاتها كالعصا وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى فما بال أعظم المعجزات لخلودها وعمومها ... تستثنى من هذا الأصل الذي يقدح فيها ينقص من قيمتها أمام باقي المعجزات بل أمام غير المعجزات حتى ... (الكلام البشري العادي)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير