تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

13) إنّ إعجاز القرآن سببه إحاطة صاحبه بالعلم كلّه وعجز العرب عن الإتيان بمثله لأنّ علمهم محدود يقول ابن عطية (546هـ) (ووجه إعجازه: أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، وأحاط بالكلام كله علما، فإذا ترتبت اللفظة من القرآن، علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى، وتبين المعنى بعد المعنى، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره، والبشر معهم الجهل، والنسيان، والذهول، ومعلوم ضرورة أن بشرا لم يكن قط محيطا، فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة، وبهذا النظر يبطل قول من قال: إن العرب كان في قدرتها أن تأتي بمثل القرآن، فلما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه.

والصحيح: أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين، ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يضع خطبة، أو قصيدة يستفرغ فيها جهده، ثم لايزال ينقحها حولا كاملا، ثم تعطى لآخر بعده، فيبدل فيها وينقح، ثم لا تزال فيها بعد ذلك مواضع للنظر والبدل، وكتاب الله لو نزعت منه لفظة، ثم أدير لسان العرب أن يوجد أحسن منها لم يوجد.)

14) من الأدلة على أنّ القرآن الكريم في مقدور البشر أن يأتوا بمثله أنّه متكون من الكلمات والجمل وقالوا أنّ القول بعدم القدرة على مثل كلماته تمحل ومكابرة وأنّ القدرة على الجزء تقضي القدرة على الكل لأنّ ما هو إلاّ مجموعة من الأجزاء .... وممّا قاله أبو القاسم الخوئي مفندا هذه المقولة: (قالوا إن العارف باللغة العربية، قادر على أن يأتي بمثل كلمة من كلمات القرآن، وإذا أمكنه ذلك أمكنه أن يأتي بمثل القرآن، لأن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد. الجواب: إن هذه الشبهة لا تليق بالذكر، فإن القدرة على الإتيان بمثل كلمة من كلمات القرآن، بل على الإتيان بمثل جملة من جملاته، لا تقتضي القدرة على الإتيان بمثل القرآن، أو بمثل سورة من سوره، فإن القدرة على المادة، لا تستلزم القدرة على التركيب، ولهذا لا يصح لنا أن نقول: إن كل فرد من أفراد البشر قادر على بناء القصور الفخمة، لأنه قادر على وضع آجرة في البناء، أو نقول: إن كل عربي قادر على إنشاء الخطب والقصائد، لأنه قادر على أن يتكلم بكل كلمة من كلماتها ومفرداتها، وكأن هذه الشبهة هي التي دعت (النظام) وأصحابه، إلى القول بأن إعجاز القرآن بالصرفة، وهذا القول في غاية الضعف ... )

.... إلخ ...

ثانيا الأدلة التطبيقية العملية الواقعية:

لإبطال نظرية الصرفة وإثبات الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم من الناحية العملية التطبيقية ثلاثة طرق تتبع كلام العرب , النظر في بلاغة القرآن وأخيرا الوقوف على معارضات القرآن ومحاولات تقليده وإجابة تحديه ...

وسنكتفي في النقطة الأولى والثانية بمجرد إشارات ونحاول قدر الاستطاعة والتمكين التفصيل في النقطة الثالثة

1) أوّلا النظر في أضرب وأصناف كلام العرب من شعر وأمثال وخطب ... قبل وقوع التحدي وأثناءه وبعده ... ومحاولة مقارنة ذلك كلّه بالقرآن الكريم هل نجد في هذا الإنتاج الحافل والزاخر شيئا يماثل أو يشابه القرآن الكريم أو يصل ولو بدرجة قريبة إلى بلاغته وأحيل القارئ ها هنا إلى ما كتبه العلماء في هذا الموضوع وعلى رأسهم الجاحظ في الكثير من كتبه وخاصة البيان والتبيين فإنّه انتهج أسلوب التمثيل والمقارنة والموازنة بين التراث الأدبي العربي بل والعالمي كذلك في مقابل الأسلوب القرآني المعجز البليغ ... ومثله وبطريقة أعنف صنع الباقلاني في إعجاز القرآن لما راح يبحث في تراث أبلغ الشعراء ليبرز شطحاتهم ويظهر نقائصهم وترهاتهم في مقابل أسلوب القرآن الذي لا يعتريه نقص أبدا وسأكتفي في هذا المبحث بنقل كلام لأبي حيان الأندلسي (654هـ) يردّ به على القائلين بالصرفة افتتانا ببلاغة العرب وبيانها يقول عليه رحمة الله الواسعة: (اختلفوا فيما به إعجاز القرآن، فمن توغل في أساليب الفصاحة وأفانينها، وتوغل في معارف الآداب وقوانينها، أدرك بالوجدان أن القرآن أتى في غاية من الفصاحة لا يوصل إليها، ونهاية من البلاغة لا يمكن أن يحام عليها، فمعارضته عنده غير ممكنة للبشر، ولا داخلة تحت القدر، ومن لم يدرك هذا المدرك، ولا سلك هذا المسلك، رأى أنه من نمط كلام العرب، وأن مثله مقدور لمنشئ الخطب،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير