تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإعجازه عنده إنما هو بصرف الله تعالى إياهم عن معارضته، ومناضلته، وإن كانوا قادرين على مماثلته. والقائلون بأن الإعجاز وقع بالصرف، هم من نقصان الفطرة الإنسانية في رتبة بعض النساء، حين رأت زوجها يطأ جارية، فعاتبته، فأخبر أنه ما وطئها، فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ شيئا من القرآن، فأنشدها بيت شعر ذكر الله فيه ورسوله وكتابه فصدقته، فلم ترزق من الرزق ما تفرق به بين كلام الخلق وكلام الحق)

2) ثانيا النظر بتمعن وتفحص وعمق في بلاغة القرآن الكريم لنقف على نكته وأعاجيبه البيانية التي لا ولن يستطيعها الإنس والجنّ ولو اجتمعوا عليه ظهيرا ... وسأكتفي ها هنا بنقل نماذج من بلاغة القرآن ـ مع تسجيل ملاحظة مهمة هي كون القرآن كلّه بجميع آياته وأجزائه معجز وليس بعضه دون بعض ـ فهذه بعض الآيات نقف فيها على بعض نكتها

[الكهف 18] إثبات الهيئة لا غير لأنّ الكلب ميّت والفعل يقتضي التجدد فلا يصلح مكانَ الاسم

[مريم 4] فالإعجاز هنا ليس للاستعارة كما يقولون ولكن للترتيب فلو قلت (شيب الرأس) لما اشتمل جميع الرأس , أما هنا فمعنى الشمول والشيب أتيا كالقول: اشتعلت الدارُ نارًا

[يوسف 23] ولم يسمّها ويقل امرأة العزيز لتنزيه يوسف عن الفحشاء

للتفخيم والتهويل

العدول إلى الاسم الموصول للتهويل

هنا استعمل اسم الإشارة للتحقير

[العصر2]

• •• [البقرة 96] الحياة هنا نكرة لتفاهتها

[البقرة179] تنكير الحياة هنا معناه حياة عظيمة لأنها يرتدع فيها القاتل فتخلو الحياة من القتل

[طه 18]

[يوسف 18] أي فأمري وأمركم صبر جميل اعتمادا على الحال وتعويلا على دلالة الموقف بينه وبين أولاده

فهذه بعض النماذج ولمن أراد المزيد أن يعود إلى مظان المسألة ....

3. ثالثا تتبع معارضات القرآن الكريم:

وهذا هو الذي يهمنا في هذا البحث وهو الذي سنركز عليه أكثر باعتباره يردّ ردّا مباشرا على القائلين بالصرفة , فإذا كان النظّام وأصحابه يزعمون أنّ الله تعالى صرف العرب عن معارضة القرآن الكريم فإنّنا في هذا المبحث نثبت خلاف ذلك وهو أنّ العرب والعجم كذلك قد عارضوا القرآن وحاولوا إجابة التحدي ولكنهم لم يستطيعوا أن يبلغوا مبلغه ويصلوا إلى بيانه وفصاحته ....

ما المقصود بالمعارضة؟

قال السبحاني في الإلهيات: (معنى المعارضة أنّ الرجل إذا أنشأ خطبة أو قال شعراً، يجي الآخر فيجاريه في لفظه ويباريه في معناه ليوازن بين الكلامين، فيحكم بالفلج على أحد الطرفين. وليس معنى المعارضة أن يأخذ من أطراف كلام خصمه، ثم يبدل كلمة مكان كلمة، فيصل بعضه ببعض وصل ترقيع وتلفيق ... )

ولعل في المعارضات والموازنات التي تقع بين شعراء العرب وخطبائهم وبلغائهم بعيدا عن الحديث عن القرآن الكريم وإعجازه ما يبيّن ويوضح ذلك أتمّ توضيح

كالموازنة بين شعر النابغة وامرؤ القيس في وصف الليل وما يحمله من الحزن والهموم أو كنقائض الشعر الأموي أو الموازنة بين شعر البحتري وأبي تمام فإنّ الموازنة والمعارضة في جميع ذلك تقع على مستوى الألفاظ والتركيب والمعاني وغيرها ... أما أن يعارض بتكرار ألفاظ القرآن بمعان وأفكار مستقبحة أومعان القرآن الجليلة بألفاظ غريبة أو رديئة.فهذا لا يسمى معارضة بل تقليد على مستوى استعمال الألفاظ أو اقتباس على مستوى استعمال المعاني

وأذكر ها هنا نموذجين للمعارضات والموازنات بين بعض الشعراء حتى نعتمد نفس الطريقة في الحكم على من عارض القرآن وزعم أنّه أتى بما يماثله ــ زعمًا ــ

المثال الأوّل: بين النابغة وامرئ القيس:

يقول الأوّل:

كِليني لهمّّ يا أمَيمةُ ناصبِ وليلٍ أقاسيه بطيءِ الكواكبِ

تطاولَ حتى قلت ليس بمنقض وليس الذي يرعى النجومَ بآيبِ

وصدرٍ أراح الليلُ عازبَ همّه تضاعفَ فيه الحزنُ من كلّ جانبِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير