تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد قرأت القصة في تفسي الخازن وتأملتها فتعجبت من إيراده لها وسكوته عنها حيث لم يفندها ولم يبين بطلانها كعادته رحمه الله تعالى وإني وإن كنت لست مع الخازن فيما ذهب إليه من إقرار ما نسب إلى أيوب عليه السلام إلا أني أقول: قد نلتمس للإمام الخازن في ذلك عذراً إذ لعله رأى أن ما في هذه القصة لا يتعارض مع العصمة ولا يقدح في مقام النبوة ولا يمس جانب العقيدة بل ربما رأى أن في ذلك رفعة لمقام أيوب عليه السلام لما تصوره القصة من صبر عظيم استحق أن يقول الله تعالى فيه:" إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب "

وهو وإن كان يرى أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منزهون عن الأمراض المنفرة إلا أنه قد يرى أن ما حل بأيوب كان عرضاً فهو كالعمى الذي حل بيعقوب بسبب فراق ولده يوسف عليهم السلام.

ومما ينبغي أن يعلم: أنه لا بد أن يكون البلاء الذي حل بأيوب عليه السلام عظيماً وفوق العادة وقد يكون مقارباً لبعض ما في مفردات القصة من حيث جمع البلاء الجسدي والمعنوي من مثل تبكيت أصحاب له ولومهم وقولهم له: تب إلى الله من الذنب الذي عوقبت به فقد ورد أن اتهامهم له كان أشد عليه مما هو فيه ولذا فإن الخازن يورد سؤالاً ويجيب عنه فيقول: فإن قلت: كيف سماه الله صابراً وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله: مسني الضر ومسني الشيطان بنصب وعذاب؟ قلت: ليس هذا شكاية وإنما هو دعاء ثم يدلل على ذلك.

ومهما يكن فإن قصة أيوب ليست كقصة داود عليهما السلام مع زوجة أوريا ولا كقصة زينب مع تبينا صلى الله عليه وسلم التي رواها وسكت عليها من هو أقدم من الخازن وأشهر وأيضاً فليس الخازن وحده هو الذي ذكر قصة أيوب بل ذكرها أو طرفاً منها دون نكير جمع من المفسرين منهم: ابن جرير الطبري، وابن عطية، وابن الجوزي، والسيوطي، ونقلها الشيخ سليمان بن عمر الشهير بالجمل عن الخازن مختصراً.

والله اعلم

له تابع إن شاء الله تعالى

ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[25 May 2005, 12:36 م]ـ

ومن الإسرائيليات التي فندها الخازن وأنكر على من أقرها: قصة هاروت وماروت تلك القصة العجيبة الغريبة وقد عقد فصلاً في عصمة الملائكة ونقل عمن ذهب إلى عصمة جميعهم بأنه لم يصح من هذه القصة شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أخذت من اليهود ثم ساق وجوه إبطالها وقال:فبان بهذه الوجوه ركة هذه القصة والله اعلم بصحة ذلك وسقمه والأولى تنزيه الملائكة عن كل ما لا يليق بمنصبهم.

بينما نجد أن جمعاً من المفسرين قد أودعها تفاسيرهم من غير نكير منهم: الإمام عبدالرزاق الصنعاني، وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم الرازي وأبو إسحاق الثعلبي وأبو الليث السمرقندي وأبو منصور الماتريدي والإمام القشيري والإمام البغوي وغيرهم بل إن الإمام الشوكاني استبعد انكار وقوعها كما بسطنا ذلك في بحثنا: قصة هاروت وماروت في ميزان المنقول والمعقول.

ومما فنده الخازن من الإسرائيليات: قصة الغرانيق تلك الأكذوبة الشنيعة التي تخدش عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وتمس قدسية القرآن

فنرى أن الإمام الخازن رحمه الله تعالى بعد أن ينقلها يكر عليها بالرد والإبطال ويبين أن الدلائل قد قامت على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأن الأمة أجمعت فيما كان طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الاختبار عن شيء منه بخلاف ما هو به لا قصداً ولا سهواً ولا غلطاً قال الله تعالى:" وما ينطق عن الهوى "

وقال الله تعالى:" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "

ثم يشرع في دحض هذه الفرية بعدة وجوه ويذكر بعد ذلك التفسير الصحيح لقوله تعالى:" وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم "

الآية التي نسجت حولها قصة الغرانيق فيقول – رحمه الله تعالى – الجواب الراجح في تحقيق تفسير الآية وقد تقدم أن التمني يكون بمعنى حديث النفس وبمعنى التلاوة فعلى الأول: يكون معنى قوله " إلا إذا تمنى " أي خطر بباله وتمنى بقلبه بعض الأمور ولا يبعد أنه إذا قوي التمني اشتغل الخاطر فحصل السهو في الأفعال الظاهرة، وعلى الثاني: وهو تفسير التمني بالتلاوة فيكون معنى قوله:" إلا إذا تمنى " أي تلا وهو ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السهو في إسقاط آية أو آيات أو كلمة أو نحو ذلك ولكنه لا يقر على هذا السهو بل ينبه عليه ويذكر به للوقت والحين كما صح في الحديث:" لقد اذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا "

وحاصل هذا أن الغرض من هذه الآية أن الأنبياء والرسل وإن عصمهم الله عن الخطأ في العلم فلم يعصمهم من جواز السهو عليهم بل حالهم في ذلك كحال سائر البشر والله اعلم

وبذلك يعطي القارئ صورة واضحة صحيحة لا لبس فيها ولا غموض فجزاه الله تعالى عن كتابه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين خير جزاء ومن المعلوم أن بعض المحققين في القديم والحديث قد أقروا بأصل هذه القصة وقد اختلف تأويل المتأولين لذلك.

والحق أن القصة باطلة سنداً ومتناً وقد بسطنا القول في ذلك في بحثنا: المدخلات في التفسير النقلي وذكرنا فيه تفسيراً آخر للآية غير ما ذكره الخازن رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير