تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا هو الذي قدمه الزركشي في تعريفه في قوله: (فالوجوه اللفظ المشترك الذى يستعمل فى عدة معان كلفظ الأمة، والنظائر كالألفاظ المتواطئة).

و حينئذٍ لايلزم من تعبير مقاتل بقوله:ونظير هذا قوله تعالى كذا ... بعد ذكره لكل وجه، أنه يعني بذلك معنى النظائر الاصطلاحي الذي عناه في كتابه، بدليل عدم استخدامها بكثرة عنده وعند الدامغاني. وإنما يقول: كقوله، أو ومثله كذا .. وإن كان قد يستخدمها كما فعل مقاتل كما في شرحه (الأعناق). وانظرتفسير مقاتل لكلمة (الحق) ص175 فقد ذكر لها أحد عشروجهاً، وكل وجه له أمثلة كثيرة، لم يعبر بلفظ النظير فيها إلا مرتين في الوجه الثامن، والحاد عشر. وبقية المواضع يقول: كقوله، ونحوه كثير.

ويبدو لي أن المؤلفين في الوجوه والنظائر قد توسعوا في دلالات الألفاظ وتشقيقها، مع اتحاد الأصل اللغوي للمواد التي يذكرونها، حتى بالغوا في ذلك، وجعلوا لكل سياق معنى يخصه.

وخذ مثالاً قول الدامغاني: (تفسير التراب على خمسة أوجه: الرميم، الأتراب: الأشكال، الترائب: الضلوع، التراب: البهائم، الصعيد). 1/ 190 في حين قال ابن فارس: (ترب: أصلان صحيحان: أحدهما التراب وما يشتق منه، والآخر تساوي الشيئين).

فدخل في الأصل الأول الرميم، والصعيد. ودخل في الأصل الثاني: الأتراب، والترائب. وأما البهائم فما أدري كيف أصنع بها، والأفضل تركها ترد الماء وتأكل الكلأ! فلا أدري لماذا أدخلها الدامغاني واستنبطها من قوله تعالى: (ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً). قال: أي يا ليتني كنت بهيمة، لأن البهائم ستكون تراباً يوم القيامة.

وقد كنت في بحثي عن ابن فارس أشرت إلى أن مما دعاه إلى تصنيف مقاييس اللغة فيما ظهر لي ما رآه من توسع العلماء في تفريع الأصول اللغوية للمفردات ذات الأصول الواحدة، ولعله كان يعني كتب الوجوه والنظائر، وأشرت إلى قيمة كتاب المقاييس في ضبط هذه المسألة لطالب العلم، بحيث يجمع له المعاني الكثيرة في الأصول القليلة. وهذا موضوع جدير بإفراده بمقالة شافية، ولا سيما أنه من مباحث اللغة والتفسير، فقد بحثه اللغويون في دلالات الألفاظ، والأضداد، ومعاجم المعاني. وبحثه المفسرون في كتب الوجوه والنظائر، والتفسير.

ودلالة السياق دلالة نافعة في فهم القرآن، ولكن هذا لا يعني مفارقة اللفظة لأصل معناها اللغوي، حتى لا يبقى بينه وبينها صلة كما يصنع بعض المصنفين في الوجوه والنظائر. ثم إن دلالة السياق عند علمائنا القدامى تختلف عن منهج اللغويين المعاصرين في دراسة السياق، ومنهج علمائنا أولى وأدق، ولا سيما أنهم راعوا في ذلك خصوصية القرآن الكريم.

وقد كتبت الأستاذة سلوى محمد العوا كتاباً جيداً بعنوان (الوجوه والنظائر في القرآن الكريم) وطبعته دار الشروق، حاولت فيه تشخيص هذه المسألة، ومحاولة دراسة دلالة السياق وتأثيرها في باب الوجوه والنظائر. غير أنها سلكت منهج المعاصرين في دراسة السياق، وتأثرت كغيرها بالدراسات المترجمة عن اللغات الأخرى.

وإلى هنا يجب أن أقف، وأترك لمن هو أولى مني التدقيق في المسألة، والتعقيب على ما كتبته عفو الخاطر، والله يغفر الزلل والخطأ، ولعل الدكتور مساعد الطيار حفظه الله ينشط لنقاش المسألة هنا، فله فيها وفي غيرها نظرات وعبرات! وتصويب ما ذكرته فإني منه في شك. أسأل الله أن يفتح عليه وعلينا جميعاً من فضله العميم، في فهم كتابه الكريم.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Feb 2005, 10:15 م]ـ

وعقب عادل الكلباني بهذا التعقيب:

الحمد لله وبعد،،،

فالذي يظهر والله تعالى أعلم أن القول قول شيخ الإسلام، قلت هذا استقراء، وما ذكره الدكتور مساعد في كتابه التفسير اللغوي عن مقاتل بن سليمان يثبت هذا ولا يعكر عليه، فقوله تعالى في الآية من سورة يونس عليه السلام: للذين أحسنوا الحسنى. بمعنى الجنة، وكذلك في قوله في سورة النجم: ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. وأما قوله في النحل: أن لهم الحسنى. فتفسيرها بالبنين، وحده فيه نظر، ولهذا اختيرت اللفظة لتجمع بين المعنيين، وليختار أعلاهما، بدليل قوله بعدها: لا جرم أن لهم النار. فلما زعموا أن لهم الجنة مع جعلهم لله ما يكرهون، رد عليهم بأن هذا الزعم باطل. ويقال مثل ذلك في قوله تعالى في التوبة: إن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير