أردنا إلا الحسنى. فتفسيرها بالجنة، حيث هي الثواب أقرب من مجرد الخير، وإن جعل الخير داخلا في أصل المعنى لا نصا عليه. بمعنى أردنا الخير الموصل للجنة.أو الثواب الموصل للجنة، فيبقى المعنى على أصله. وهذا مضطرد.
وإليك مثالا آخر، فمما يذكر في الوجوه والنظائر لفظ (أمة) على معان، والقول صحيح في مجمله، لا في تفصيله، فمعنى قوله: وادكر بعد أمة. قالوا مدة من الزمن. وقال بعضهم: نسيان.وقوله: إن هذه أمتكم أمة: أي: ملة. وقوله: إن إبراهيم كان أمة. أي: إماما. وقوله: وجد عليه أمة. أي جماعة. وهو أصل معنى الأمة، الجماعة. ولو تأملت معنى أمة في الآيات جميعا لوجدت اشتراكها في الجماعة. من الزمن، أو الخصال، أو التشريع، أو الجنس. فإبراهيم عليه السلام لو قال الله تعالى إن إبراهيم كان إماما. لاحتمل أن يكون إماما في جزء ما أو خصلة ما أو شيء ما. فلما وصفة بأنه أمة، صار إماما في كل خصلة من خصال الخير، من الصبر والحلم والعلم والتضحية والتوحيد وغير ذلك، فالتعبير بأمة أبلغ في إمامته، فتفسيرها بإمام اقتطاع جزء كبير جدا من المعنى، ينقص قدر الممدوح به. ومثل ذلك يقال في قوله بعد أمة، أي بعد مدة طويلة من السنين التي لبثها يوسف، فلبث في السجن بضع سنين، لا يكفي في وصفها قولنا: مدة من الزمن، فقد تقصر هذه المدة وقدج تطول، ولفظ أمة ينبيء عن طول المدة وتتابع السنين عليها. وكذلك في قوله: أمة واحدة. لا يكفي تفسيرها بالملة. فالمراد اجتماع الكثير من الناس على هذه الملة، وتتابع الزمن وكثرة الرسل على نفس هذه الملة. فإنه وإن كانت الملة واحدة فقد اجتمع أهل الحق عليها عبر الزمان والمكان وتعاقب القرون. فتبارك الله وصدق حين قال: قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Feb 2005, 10:16 م]ـ
ثم كتب عبدالرحمن الشهري هذا التعقيب:
أشكر الشيخ عادل الكلباني على تعقيبه الموفق، ولازلت أطح من فضيلته في توضيح قوله: (الذي يظهر والله تعالى أعلم أن القول قول شيخ الإسلام، قلت هذا استقراء، وما ذكره الدكتور مساعد في كتابه التفسير اللغوي عن مقاتل بن سليمان يثبت هذا ولا يعكر عليه). فلا زال الأمر مشكلاً عليَّ.
كما أرجومن الشيخ مساعد الطيار أن يتفضل بإبداء رأيه مشكوراً إن أمكن.
حفظكم الله جميعاً وجزاكم خيراً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Apr 2005, 01:56 م]ـ
قال ابن القيّم: (فإن اللفظ في القرآن يكون له نظائر يعرف معناه باطراد ذلك المعنى في تلك الألفاظ النظائر، وفيها صنفت كتب الوجوه والنظائر.
فالوجوه: الألفاظ المشتركة
والنظائر: الألفاظ المتواطئة.
الأول فيما اتفق لفظه واختلف معناه، والثاني فيما اتفق لفظه ومعناه.) انتهى بلفظه من مختصر الصواعق المرسلة 4/ 1410 الطبعة الجديدة التي أصدرتها أضواء السلف.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 Apr 2005, 05:24 م]ـ
المؤلفات في المشترك اللفظي في الميدان القرآني كثيرة، والمشترك اللفظي بالنسبة للقرآن لم يرد بهذا المصطلح في كثير من المؤلفات التي تناولت هذه الظاهرة، ولعل السبب في ذلك أن كلمة (اللفظ) لا تُقال في رحاب القرآن الكريم والبديل عنها هو (الكلمة). لأنه لا يُطلق على كلمات القرآن ألفاظاً، لأن الألفاظ يُرمى بها اللسان، ويقذفها متى أراد، والقرآن الكريم لجلاله وهيبته لا يُرمى ولا يُقذف، ولكن يُقرأ ويُتلى.
ففي الإبانة لأبي حسن الأشعري: "فإن قال قائل: حدّثونا عن اللفظ بالقرآن كيف تقولون فيه؟ قيل له: القرآن يُقرأ في الحقيقة ويُتلى، ولا يجوز أن يُقال: يُلفظ به، لأن القائل لا يجوز له أن يقول: إن كلام الله ملفوظ به، لأن العرب إذا قال قائلهم: لفظت باللقمة من فمي فمعناه: رَمَيْتُ بها، وكلام الله تعالى لا يقال: يُلففظ به، وإنما يقال: يُقرأ، ويُالى، ويُكتب، ويُحفظ " (كتاب الإبانة عن أصول الديانة، ص101). ولعل هذا هو السبب الذي لأجله وُضعت عناوين أخرى تحمل معنى المشترك اللفظي ولكنها لا تحمل إسمه، مثل الأشباه والنظائر، أو الوجوه والنظائر، أو التصاريف ...
¥