تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أولى؛لمطابقة أوصافه لمعناها.

فأما من قال أنها نزلت في أبي بكر، فقوله بعيد من الصواب؛ لأنه ـ تعالى ـ إذا وصف من أراد بالآية بالعزة على الكافرين، وبالجهاد في سبيله مع اطراح اللوم؛ كيف يجوز أن يظن عاقل توجيه الآية إلى من لم يكن له حظ في ذلك الموقف؛ لأن المعلوم أن أبا بكر لم يكن له نكاية في المشركين، ولا قتيل في الإسلام، ولا وقف في شيء من حروب النبي صلى الله عليه وسلم موقف أهل البأس والفناء، بل كان الفرار شيمته، والهرب ديدنه، وقد انهزم عن النبي صلى الله عليه وسلم في مقام بعد مقام، فانهزم يوم أُحد، ويوم حنين، وغير ذلك، فكيف يوصف بالجهاد في سبيل الله ـ على ما يوصف في الآية ـ من لا جهاد له جملة (2)، وهل العدول بالآية عن أمير المؤمنين مع العلم الحاصل بموافقة أوصافه إلى غيره إلا عصبية ظاهرة، ولم يذكر هذا طعنًا على أبي بكر رضي الله عنه، ولا قدحًا فيه؛ لأن اعتقادنا فيه أجمل شيء بل قلنا: أليس في الآية دلالة على ما قال (كذا))) (التبيان في تفسير القرآن للطوسي 3: 555 ـ 557).

ولا أدري لماذا لم يناقش من قال بأنها نزلت في الأنصار، أو نزلت في أهل اليمن، واختار إبطال كونها نزلت في أبي بكر، ثم يزعم أنه لا يطعن في أبي بكر، وأن اعتقاده فيه أجمل شيء؛ سبحان الله، والحمد لله الذي لم يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.

وإني لأعجب من هؤلاء القوم، ألا يمكن أن تثبت فضائل علي رضي الله عنه إلا بتنقُّص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الآخرين؟!

ولولا ما يعتقده من أمر الولاية لعلي لما ذهب إلى مثل هذا الكلام الذي يظهر منه روح العصبية، ولعلم أن الآية عامة في كل من ينطبق عليه هذا الوصف، وياليته بيَّن كيف يُطلق لفظ القوم الدال على المجموع على شخص واحد؟!

..............................

(1) لا يجهلك أخي القاري ما في هذا الزعم من خطأ، بل كذبٍ، والله المستعان.

(2) سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Mar 2005, 09:18 م]ـ

يبدو أن الطبرسي أقرب إلى الاعتدال من الطوسي؛ فقد فسر آية التوبة رقم 40 - التي نقل الشيخ مساعد تفسيرها عن الطوسي - بتفسير قريب من تفسير أهل السنة، ثم قال: (وقد ذكرت الشيعة في تخصيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، في هذه الآية بالسكينة، كلاما رأينا الإضراب عن ذكره أحرى، لئلا ينسبنا ناسب إلى شيء.)

وفي تفسيره لآية المائدة قال: (واختلف فيمن وصف بهذه الاوصاف منهم، فقيل: هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة، عن الحسن، وقتادة، والضحاك. وقيل: هم الانصار، عن السدي. وقيل: هم أهل اليمن، عن مجاهد، قال: قال رسول الله: " أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوبا، وأرق أفئدة، الايمان يماني، والحكمة يمانية ". وقال عياض بن غنم الاشعري: " لما نزلت هذه الاية، أومأ رسول الله إلى أبي موسى الاشعري، فقال: هم قوم هذا ". وقيل: إنهم الفرس. وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن هذه الاية، فضرب بيده على عاتق سلمان، فقال: " هذا وذووه "، ثم قال: " لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس " وقيل: هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأصحابه، حين قاتل من قاتله من الناكثين، والقاسطين، والمارقين، وروي ذلك عن عمار، وحذيفة، وابن عباس، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (عليه السلام). ويؤيد هذا القول أن النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الاية، فقال فيه، وقد ندبه لفتح خيبر، بعد أن رد عنها حامل الراية إليه، مرة بعد أخرى، وهو يجبن الناس ويجبنونه: " لأعطين الراية غدا رجلا، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده " ثم أعطاها إياه. فأما الوصف باللين على أهل الايمان، والشدة على الكفار، والجهاد في سبيل الله، مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم، فمما لا يمكن أحدا دفع علي عن استحقاق ذلك، لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر، ونكايته فيهم، ومقاماته المشهورة في تشييد الملة، ونصرة الدين، والرأفة بالمؤمنين. ويؤيد ذلك أيضا إنذار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قريشا بقتال علي لهم من بعده، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم، فقالوا له: يا محمد! إن أرقاءنا لحقوا بك، فارددهم علينا. فقال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير