تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول محمد بن نصر المروزي: أولا تراه أبان أن أهل المعاد إلى الجنة المصلين، وإن المستوجبين للإياس من الجنة المستحقين للتخليد في النار من لم يكن من أهل الصلاة بإخباره تعالى عن المخلدين في النار حين سئلوا «ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين».

يقول عبد الرحمن السعدي في (في جنات يتساءلون عن المجرمين) أي في جنات قد حصل لهم فيها جميع مطلوباتهم، وتمت لهم الراحة والطمأنينة، حتى أقبل يتساءلون، فأفضت بهم المحادثة، أن سألوا عن المجرمين: أي حال وصلوا إليها، وهل وجدوا ما وعدهم الله؟ فقال بعضهم لبعض (هل أنتم مطلعون عليهم، فأطلعوا عليهم في وسط الجحيم، فقالوا لهم: ما سلككم في سقر) أي: أي شيء أدخلكم فيها؟ وبأي ذنب استحققتموها؟ (قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، فلا إخلاص للمعبود ولا إحسان، ولا نفع للخلق المحتاجين

يقول الإمام القرطبي (في جنات) أي في البساتين (يتساءلون) أي يسألون (عن المجرمين) أي المشركين (ماسلككم) أي أدخلكم (في سقر) كما تقول: سلكت الخيط في كذا أي أدخلته فيه……., (قالوا) يعني أهل النار (لم نك من المصلين) أي المؤمنين الذين يصلون، (ولم نك نطعم المسكين) أي لم نك نتصدق (وكنا نخوض مع الخائضين) أي كنا نخالط أهل الباطل في باطلهم.

وقال أيضاً (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) هذا دليل على صحة الشفاعة للمذنبين، وذلك أن قوما من أهل التوحيد عذبوا بذنوبهم ثم شفع فيهم فرحمهم الله بتوحيدهم والشفاعة، فأخرجوا من النار، وليس للكفار شفيع يشفع فيهم.

يقول الإمام شهاب الدين أبي العباس بن يوسف بن محمد بن إبراهيم المعروف بالسمين الحلبي: قوله «لم نك من المصلين» هذا الدال على فاعل سلكنا كذا الواقع جواباً كقول المؤمنين لهم «ما سلككم» التقدير ومراده ما قدمته وإن كان في عبارته عسر، وادغم أبو عمرو «سلككم» وهو نظير «مناسككم» (سورة البقرة آية 200)، وقد تقدم في أول البقرة، وقوله «ما سلككم» يجوز أن يكون على إضمار القول، وذلك القول في موضع الحال. أي يتساءلون عنهم قائلين لهم «ما سلككم».

يقول سعيد حوى رحمه الله: في جنات يتساءلون فيسألون المجرمين «ما سلككم في سعر» أي ما أدخلكم فيها، الصيغة تفيد أنه بعد التساؤل عنهم سؤال لهم «قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين» أي لم نكن مسلمين نصلي كما يصلون ونطعم كما يطعمون. قال ابن كثير: أي ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا».

يقول الإمام ابن جرير الطبري: وقلوه «في جنات يتساءلون عن المجرمين، ما سلككم في سقر؟» يقول أصحاب اليمين في بساتين يتساءلون عن المجرمين الذين سلكوا في سقر، أي شيء سلككم في سقر؟ «قالوا لم نك من المصلين» يقول: قال المجرمون لهم: لم نك في الدنيا من المصلين لله، «ولم نك نطعم المسكين» بخلاً بما خولهم الله، ومنعاً له من حقه.

يقول الدكتور وهبة الزحيلي: «في جنات يتساءلون عن المجرمين، ما سلككم في سقر» أي وهم في جنات يتنعمون، ويسأل بعضهم بعضاً عن أحوال المجرمين، في النيران قائلين لهم: ما الذي أدخلكم في جهنم؟ والمقصود من السؤال زيادة التوبيخ والتخجيل، فأجابوا بأن هذا العذاب لأمور أربعة:-

«قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين، حتى أتانا اليقين» أي لم نكن في الدنيا نؤدي الصلاة المفروضة، فلم نعبد ربنا مع المؤمنين الذين يصلون، ولم نحسن إلى خلقه من جنسنا، فلم نطعم الفقير المحتاج ما يجب إعطاؤه، وكنا نخالط أهل الباطل في باطلهم، كلما غوى غاو غوينا معه، أو نتكلم فيما لا نعلم أو نخوض مع الخائضين في أمر محمد ( f) , هو قولهم: كاذب، مجنون، ساحر، شاعر، وكنا بعد ذلك مكذبين بالقيامة، حتى أتانا الموت ومقدماته، فاليقين: الموت، كما في قوله I « واعبد ربك حتى يأتيك اليقين» (الحجر 15/ 99). فهذه أسباب أربعة لازمتنا طوال حياتنا الدنيوية: ترك الصلاة، والزكاة، والخوض في باطل الكلام، وإنكار يوم البعث والحساب والجزاء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير