تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول عبدالرحمن السعدي: لما ذكر الكافرين بآياتهن وما أعد لهم من العذاب، ذكر المؤمنين بها، ووصفهم وما أعد لهم من الثواب فقال «إنما يؤمن بآياتنا» أي إيماناً حقيقياً، من يوجد منه شواهد الإيمان وهم «الذين إذا ذكروا بها» فتليت عليهم آيات القرآن، وأتتهم النصائح على أيدي رسل الله، ودعوا إلى التذكر، سمعوها فقبلوها، وانقادوا و «خروا سجداً» أي خاضعين لها، خضوع ذكر الله وخرج بمعرفته «وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون» لا بقلوبهم، ولا بأبدانهم فيمتنعون من الإنقياد لها، بل متواضعون لها، وقد تلقوها بالقبول، وقابلوها بالإنشراح والتسليم، وتوصلوا بها إلى مرضاة الرب الرحيم واهتدوا بها إلى الصراط المستقيم.

قال ابن القيم: ووجه الإستدلال بالآية أنه سبحانه نفى الإيمان عمن إذا ذكروا بآيات الله، لم يخروا سجداً مسبحين بحمد ربهم، ومن أعظم التذكير بآيات الله التذكير بآيات الصلاة، فمن ذكر بها ولم يتذكر، ولم يصل لم يؤمن بها، لأنه سبحانه خص المؤمنين بها بأنهم أهل السجود، وهذا من أحسن الإستدلال وأقربه، فلم يؤمن بقوله تعالى «وأقيموا الصلاة» إلا من التزم إقامتها.

9) قوله تعالى» منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين «(سورة الروم: آية 31).

قال ابن كثير: وقوله تعالى «منيبين إليه» قال ابن زيد وابن جريج أي راجعين إليه «واتقوه» أي خافوه وراقبوه وأقاموا الصلاة وهي الطاعة العظيمة «ولا تكونوا من المشركين» أي بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا يريدون بها سواه.

يقول سيد قطب: فهي الإنابة إلى الله، والعودة في كل أمر إليه، وهي التقوى وحساسية الضمير ومراقبة الله في السر والعلانية، والشعور به عند كل حركة وكل سكنة، وهي إقامة الصلاة للعبادة الخالصة لله، وهي التوحيد الخالص الذي يميز المؤمنين من المشركين.

يقول الدكتور وهبة الزحيلي: أي اتبعوا دين الله، مقبلين عليه، راجعين إليه، وإذا أقبلتم عليه وتكرتم الدنيا، فلا تأمنوا فتتركوا عبادته، بل خافوه وداوموا على العبادة، وراقبوه فلا تفرطوا في طاعة، ولا ترتكبوا معصية، وأقيموا الصلاة، أي داوموا على إقامتها كاملة الأركان مستوفية الشروط، قائمة على الخشوع وتعظيم Q I، ولا تكونوا بعد الإيمان من المشركين به غير، فلا تقصدوا بذلك غير الله، أي بل كونوا من الموحيدن المخلصين له العبادة، لا يريدون بها سواه، والعبادة الخالصة هي كما جاء في الحديث الصحيح عند الشيخين عن عمر (اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

(كفر تارك الصلاة من السنة)

أولاً: عن جبار بن عبدالله ( c) قال: قال رسول الله ( f): [ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ] ()

عن جابر بن عبدالله c قال: قال رسول الله ( f) : [ إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ] ()

قال الشنقيطي [وهو واضح في أن تارك الصلاة كافر لأن عطف الشرك على الكفر فيه تأكيد قوى لكونه كافراً] ()

قال البيهقي [ليس من العبادات بعد الإيمان الرافع للكفر عبادة سماها الله عز وجل إيماناً، وسمى رسول ( f) تركها كفراً إلا الصلاة] ()

وقال الشوكانى [والحق إنه كافر يقتل أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الإسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الإسم عليه هو الصلاة فتركها مقتضى لجواز الإطلاق ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفراً فلا ملجىء إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها] ().

وقال إمام النووي [وقوله ( f) بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة هكذا في جميع الأصول من صحيح مسلم الشرك والكفر بالواو وفي مخرج أي عوانة الإسفراييني وأبي نعيم الأصبهاني (أو الكفر) بـ (أو) ولكل واحد منهما وجهومعنى بينه وبين الشرك ترك الصلاة أن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل بل دخل فيه ثم أن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنىواحد وهو الكفر بالله تعال، وقد يفرق بينهما فيخص الشك بعبدة الأوثان وغيرها من الخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش فيكون الكفر أعم من الشرك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير