تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإن كان المقصود بالاستفزاز (الإخراج) فالمقصود ليس الإخراج المادي (بالطرد)

فآخر ما كانت تريده قريش إخراج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة. ((كما ورد في الآية الثانية))

وآخر ما كان يريده فرعون، إخراج بني إسرائيل من مصر ((كما ورد في الثالثة))

بل كل ما أراده الفريقان: إخراج النبيين وأتباعهم من أن يكون للطائفة المؤمنة أي دور ريادي وسيادي في الأرض، بل كانوا يريدونهم أتباعاً يسهل سوقهم كالأنعام.

ويؤيد المعنى اللغوي ذلك:

جاء في الصحاح: استفزه الخوف: استخفه. ورجل فزّ: خفيف.

وفي تاج العروس: يستفزونك: يستخفونك، ويفزعونك ليحملوك على الهرب ..

وفي لسان العرب: فزه فزاً وأفزه: .. أفزعه وطيّر فؤاده.

قال أبو عبيد: أفززت القوم وأفزعتهم سواء.

وقد ورد في حديث صفية عن صفة النبي عليه السلام: " ولا يستفزه "

قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: " ولا يستفزه: أي لا يستخفه ".

وقال ابن فارس في الاتباع والمزاوجة: قال الأصمعي: فزٌّ ونزٌّ وهو الخفيف.

وقال القالي في الأمالي: أفزَّته، استخفته.

وذكر أن أصلها من ولد البقر الذي يقال له (فز) لأنه يستخفه كل شيء رآه أو أحس به.

والمقصود البقر الوحشي .. قال النوري في نهاية الأرب: قالت العرب: ولد البقرة الوحشية ما دام يرضع فهو فز وفرقد وفرير .. ".

وأختم بقول ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: الفاء والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على خفّةٍ وما قاربَهَا. تقول: فَزَّهُ واستفزَّه، إذا استخفَّه. قال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض} [الإسراء 76]، أي يحملونك على أن تَخِفَّ عنها. وأفزَّه الخوفُ وأفْزَعَه بمعنىً. وقد استفَزَّ فُلاناً جهْلُه. ورجل فَزٌّ: خفيف. ويقولون: فزَّ عن الشيء: عدل. والفَزُّ: ولَد البقرة. ويُمكن أن يسمَّى بذلك لخفَّة جسمِه. قال:

كما استغَاثَ بسيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ ... خافَ العُيونَ ولم يُنظُرَ به الحَشَكُ


البيت لزهير في ديوانه 177 واللسان (سيأ، فزز، غطل، حشك). وسيء، يقال بفتح السين وكسرها، وهو اللبن قبل نزول الدرة يكون في طرف الأخلاف.
والغيطلة البقر الوحشي ..
=======================================

أما في كتب غريب القرآن فقد اتفقت ـ إن ذكرت معنى استخف واستفز ـ على أن معنى استفز: استخف.
واستخف: استفز.

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\ \\\\\

في النهاية: تقرر الآيات الثلاث الكريمة في سورة الإسراء أهمية عزة المؤمن واستعلائه على الباطل (جناً كان أم إنساً). وتحقير من رضي لنفسه أن يكون (فزاً وفريراً ... )!!
وعدم الرضوخ إلى عصاه وجزرته فما هي إلا (استفزازات) و (استخفافات) لا تليق بالمؤمنين المخلصين الدعاة ولهذا حذرهم من أن يكون مصيرهم كمصير قوم فرعون الذي ..

" يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ " [هود: 98]

نسأل الله تعالى العفو والعافية ... آمين

إخوتي الأفاضل: أرجو قراءة الموضوع مرة أخرى والتكرم بتصويب ما فيه وبارك الله فيكم

مع محبتي

ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Apr 2005, 11:58 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،

أصل الشبهة هو أن قوم موسى كانوا خارجين هاربين من مصر و أن فرعون أراد أن يستفزهم (أي يخرجهم حسب كلام المفسرين) من أرض مصر، فكيف يكون هذا؟ كيف يخرجهم و هم أصلاً خارجين؟

هذه هي الشبهة ببساطة و الرد هو أن الاستفزاز ليس معنى مطابقًا للاخراج، فهو لا يدل على الاخراج عمومًا بل على كيفية معينة لهذا الاخراج.

و انسحاب بني إسرائيل من أرض مصر كان انسحابًا تكتيكيًا و من لديه خلفية عن العلوم العسكرية يعلم جيدًا أن أكبر خسائر الجيوش المنهزمة تكون أثناء الفرار لأن القوات المنتصرة ساعتها تركب ظهور و أعناق الهاربين و تمزقهم تمزيقًا و تلحق بهم خسائر جسيمة و هو المعروف بمطاردة فلول الهاربين، لهذا وجب أن يكون الانسحاب بالنسبة للفارين الهاربين مدروسًا و منظمًا.

لهذا السبب خرج فرعون بقواته ليحبط هذا الخروج المدروس لبني إسرائيل و أراد ان يكون خروجهم على نحو هروب الجيوش المنهزمة أمام المنتصرين الذين يمزقون ظهورهم و أعناقهم أثناء الفرار.

و هذا هو معنى الاستفزاز: أي خروجهم بهذه الكيفية المعينة و ليست الكيفية الرزينة المدروسة التي رسمها موسى لقومه.

و هذا دافع لنا لنتأمل و نتفكر في الانتقاء البديع للكلمات في القرآن العظيم، و أرجو أن يفهم القاريء براعة اختيار كلمة (يستفزهم) في هذا السياق، و هي كلمة بديعة تدل على الاخراج بكيفية معينة لا يمكن التعبير عنها إلا بهذه الكلمة الرائعة.

و تأمل قول الألوسي رحمه الله في روح المعاني: ((فأراد فرعون أن يستفزهم أي موسى وقومه وأصل الاستفزاز الإزعاج وكنى به عن إخراجهم من الأرض أي أرض مصر التي هم فيها أو من جميع الأرض ويلزم إخراجهم من ذلك قتلهم واستئصالهم وهو المراد .. {فأغرقناه ومن معه جميعا} أي فعكسنا عليه مكره حيث أراد ذلك لهم دونه فكان له دونهم فاستفز بالإغراق هو وقومه وهذا التعكيس أظهر من الشمس على الثاني وظاهر على الأول لأنه أراد إخراجه من مصر فأخرج هو أشد الإخراج بالإهلاك والزيادة لا تضر في التعكيس بل تؤيده)) روح المعاني ج15 ص186 .. و سبحان العزيز الجبار!

http://www.aljame3.com/forums/index.php?showtopic=6755
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير