تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن .. وكالعادة حتى تلك المنهجية غير الموضوعية في نقد القرآن الكريم كانت سبباً في دراسات إسلامية لنصرة القرآن الكريم، زادت الإسلام رسوخاً والقرآن الكريم ثبوتاً ..

وإليك القصة التالية:

كانت تلك المنهجية سبباً في إسلام الشاب (فارس) الذي أرسله أبواه المارونيان من لبنان إلى مالطا سنة 1848م للالتحاق بمدارس الإرسالية الأمريكية. وبقي يتعلم فيها اللاهوت لمدة أربعة عشر سنة. ولما نبغ، أرسلت بريطانيا في طلبه عن طريق وزير خارجيتها الذي توسط لدى حاكم مالطا للسماح له بالذهاب إلى بريطانيا؛ لترجمة الكتاب المقدس إلى العربية. وكان المشرف على عملية الترجمة مستشرق يدعى (لي)، وكان فارس يترجم بأسلوبه البليغ أروع ترجمة. ولكنه تفاجأ عندما رأى المستشرق (لي) يحرِّف ترجمة كل جملة تنتهي بالواو والنون، أو الياء والنون؛ بزعم أنها مشابهة للقرآن. كما غيَّر عبارة " وأنتم على ذلك شهود "، إلى " وأنتم شهود على هذا " للسبب ذاته .... فاختلف مع البريطانيين وسخر بهم، ووصفهم بعدم الأمانة العلمية، والجهل بأصول الترجمة .. فطردوه، عندها اتصل بالفرنسيين ـ الذين ألمحوا له سابقاً بحاجتهم إليه ـ ولكن المستشرقين الفرنسيين لما علموا بمواقفه مع المستشرقين الإنجليز، شنوا حملة إعلامية ضده، وصدوه. فاستدعاه باي ـ أي والي بالتركية ـ تونس، وفي تونس أعلن إسلامه، وسمى نفسه: أحمد فارس الشدياق .. وكان من أشهر أدباء نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، توفي بالأستانة عام 1887م.

انظر: الاستشراق والوعي السالب، خيري منصور، ص226 - 228.

=-=-=-=-=-=-=-=-

وسبحان من كانت هذه الأساليب غير العلمية في النقد، دليلاً قوياً من أدلة إلهية وعصمة كتابه الكريم؛ فلو وصلوا إلى نتائج صحيحة، بمقدمات منطقية إلى دليل واحد، واحد فقط يصلح في نقد القرآن الكريم، لما تخبطوا كل هذا التخبط ولوصلوا إلى ضالتهم، بحرف المسلم عن دينه منطقياً وعقلياً دون تأثير وسائل التنصير بالترغيب المادي الشهيرة.

ومن ثم كان ما ينفقونه من مال ووقت وجهد يصب في مصلحة الدعوة الإسلامية، فلولا التبشير والاستشراق لما نهضت الأمة فكرياً، ودافعَ الحقُّ الباطلَ .. ولولا الاحتلال لما توقدت شعلة الجهاد والاستشهاد .. كما لولا طعنهم في الإعجاز القرآني، لما تبدَّت أروع مظاهره في شتى الجوانب والمجالات ..

تلك سنة الله في الكون: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " [الأنفال: 36].

يحسبون أنهم بالمنهجية غير العلمية سيهدمون الإسلام .. بهدم مصدره الرئيس. وذلك بعد تفكير وروية، حين أعيتهم المنهجية العلمية لإثبات تحريفه وخطئه بلا فائدة. وصدق الله تعالى في وصفهم بصفتهم الأليق بهم: " إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " [الأنعام: 116]، يا لروعة التعبير القرآني! الظن هو القائد وهم المَقودون الأتباع.

نعم، لقد سلكوا تلك المنهجية غير العلمية لأنهم يعلمون أن المسلم يتمنى صادقاً أن يسلك كل الناس المنهج العلمي الصحيح عند البحث، لأن ذلك لنا لا علينا " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ " [العنكبوت: 49]. فالعلم يدعو إلى الإيمان: " وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ .. " [الحج: 54].


خاتمة بطرفة ...

في إحدى المناظرات بين الباحث وأحد المنصرين على شبكة الإنترنت. بيَّن الباحث بالأدلة والوثائق أن الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم الغربي، بشهادة علماء الغرب. فما كان من المنصر إلا أن أحضر وثائق لجمعيات إسلامية تشير إلى حالات تنصير لفقراء من الجزائر والكونغو وأندونيسيا. فرد عليه الباحث: " على فرض أن هذا التنصير تمَّ بلا اضطرار أو هدف دنيوي، كالطمع بالهجرة أو التعليم أو طلب العلاج .. وغير ذلك. فهو يعني أن الإسلام ينتشر حيث يكثر العلم، والنصرانية تنتشر حيث يكثر الجهل ".

فبهت المنصِّر وانقطع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير