تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 06:28 ص]ـ

و بمثل الذي قال: قال أئمة الدين المقتدى بهم، و من هؤلاء شيخا الإسلام ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((و القرآن يظهر كونه آية و برهانا له من وجوه جملة وتفصيلا:

أما الجملة: فإنه قد علمت الخاصة والعامة من عامة الأمم علما متواترا أنه هو الذي أتى بهذا القرآن، وتواترت بذلك الأخبار أعظم من تواترها بخبر كل أحد من الأنبياء والملوك والفلاسفة وغيرهم.

والقرآن نفسه فيه تحدي الأمم بالمعارضة، والتحدي هو أن يحدوهم أي: يدعوهم فيبعثهم إلى أن يعارضوه، فيقال فيه: حداني على هذا الأمر، أي: بعثني عليه، ومنه سمي حادي العيس؛ لأنه بحداه يبعثها على السير.

وقد يريد بعض الناس بالتحدي:دعوى النبوة؛ ولكنه أصله الأول، قال تعالى في سورة الطور ? أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين?

فهنا قال ?فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ? - في أنه تقوله؛ فإنه إذا كان محمد قادرا على أن يتقوله كما يقدر الإنسان على أن يتكلم بما يتكلم به من نظم ونثر = كان هذا ممكنا للناس الذين هم من جنسه، فأمكن الناس أن يأتوا بمثله.

ثم إنه تحداهم بعشر سور مثله فقال تعالى ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين?.

ثم تحداهم بسورة واحدة منه فقال تعالى ? وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين?.

فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات - هم وكل من استطاعوا من دون الله- ثم تحداهم بسورة واحدة - هم ومن استطاعوا – قال ? فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو?.

و هذا أصل دعوته، وهو الشهادة بأنه لا إله إلا الله والشهادة بأن محمدا رسول الله

وقال تعالى ?فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله?

كما قال ?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ?

أي: هو يعلم أنه منزل لا يعلم أنه مفترى كما قال ? وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ? أي: ما كان لأن يفتري، يقول: ما كان ليفعل هذا، فلم ينف مجرد فعله؛ بل نفي احتمال فعله، وأخبر بأن مثل هذا لا يقع؛ بل يمتنع وقوعه، فيكون المعنى: ما يمكن ولا يحتمل، ولا يجوز أن يفتري هذا القرآن من دون الله؛ فإن الذي يفتريه من دون الله مخلوق، و المخلوق لا يقدر على ذلك.

وهذا التحدي كان بمكة فإن هذه السور مكية: سورة يونس وهود والطور.

ثم أعاد التحدي في المدينة بعد الهجرة، فقال في البقرة - وهي سورة مدنية- ? وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين?

ثم قال ?فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة?

فذكر أمرين، أحدهما قوله ? فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ?يقول: إذا لم تفعلوا فقد علمتم أنه حق، فخافوا الله أن تكذبوه، فيحيق بكم العذاب الذي وعد به المكذبين، وهذا دعاء إلى سبيل ربه بالموعظة الحسنة بعد أن دعاهم بالحكمة وهو جدالهم بالتي هي أحسن.

والثاني:قوله ?ولن تفعلوا?، و " لن " لنفي المستقبل.

فثبت الخبر أنهم فيما يستقبل من الزمان لا يأتون بسورة من مثله كما أخبر قبل ذلك، وأمره أن يقول في سورة سبحان - وهي سورة مكية افتتحها بذكر الإسراء، و هو كان بمكة بنص القرآن والخبر المتواتر -، وذكر فيها من مخاطبته للكفار بمكة ما يبين بذلك بقوله? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا?.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير