و هذه المسألة – أعني مسألة الألفاظ المجملة و منها لفظ التشبيه - لشيخ الإسلام ابن تيمية بها اعتناء ظاهر، يظهر لكل من له عناية بمصنفاته رحمه الله.
يتبع ..............
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 09:19 ص]ـ
نقض ما توصل إليه الدكتور سعيد جمعة
قبل بيان أوجه بطلان ما توصل إليه الدكتور الفاضل يحسن بي التنبيه إلى مسألتين مهمتين تطرق غليهما الدكتور:
الأولى: هي الفرق بين التحدي و الإعجاز، فأقول: الإعجاز هو أثر التحدي، فهو نتيجة له، فالتحدي كان بالإتيان بمثل القرآن أو بعضه، فلما لم يفعلوا = حصل العجز منهم و هو الإعجاز.الثاني: أن لفظ الإعجاز و المعجزة لم يأت في كتاب الله و لا في سنة النبي ×، و قد أفاض الكلام فيها شيخ الإسلام في كتابه العظيم " النبوات "، و بين أن الله سماها آيات و براهين و بينات، قال رحمه الله: (والآيات والبراهين الدالة على نبوة محمد كثيرة متنوعة وهي أكثر وأعظم من آيات غيره من الأنبياء ويسميها من يسميها من النظار معجزات وتسمى دلائل النبوة وأعلام النبوة.
وهذه الألفاظ إذا سميت بها آيات الأنبياء كانت أدل على المقصود من لفظ المعجزات ولهذا لم يكن لفظ المعجزات موجودا في الكتاب والسنة وإنما فيه لفظ الآية والبينة والبرهان) (الجواب الصحيح 5/ 412).
ثم أقول: إذا تبيين للقارئ معنى التحدي المراد من الآيات، و وجه اعتراض المشركين، و المراد بالمثلية في اللغة و الشرع = تبين له بطلان النتيجة التي توصل إليها الأخ الكريم الدكتور سعيد، و هي أن مناط التحدي في الإتيان بكلام من عند الله، كما أن محمدا جاء بكلام من عند الله، و ذلك في أوجه:
أولا: أن هذا التفسير الذي قال به الدكتور الفاضل = غير مقبول عقلا، فضلا عن الشرع، فالدعوى هي نبوة محمد ×، و المشركون يرفضون نبوته و يطعنون فيما جاء به بأنه كلام افتراه و تقوله، فكيف يتحداهم بما طالبوا إقامة الدليل عليه، هذه مصادرة على المطلوب، و يلزم منها الدور، و هو باطل عقلا، فلو قال مشرك للنبي × جدلا على تفسيركم: دعواك أن هذا الكلام من عند الله = محض دعوى عارية عن البرهان، فما برهانك على صحة دعواك؟، فقال له: إيت بسورة من عند الله – على تفسيركم للمثلية – فسيقول المشرك: هذا مصادرة على المطلوب، فأنا لم أدع ذلك حتى أطالب بأن آتي بكلام أنسبه إلى الله، فالمطالب بذلك هو المدعي، و هذا بين.
فالقائل:إن كلامي هذا من عند الله هو قائل بنوته و انه نبي الله.
و الدكتور بقوله هذا جعل الدعوى – دعوى النبوة - جزءا من الدليل، كما فعل الأشاعرة في تعريفهم للمعجزة.
و هذا القول قال عنه شيخ الإسلام إنه خلاف الكتاب و الإجماع؛ بل خلاف قول العقلاء جميعا.
فالمعارضة على رأي الدكتور لا تكون إلا مقترنة بدعوى النبوة و هي أنه كلام من عند الله، قال شيخ الإسلام في النبوات 1/ 538: (فلو أتوا بمثل القرآن من غير دعوى النبوة لم يكونوا عارضوه وهذا خلاف ما في القرآن وخلاف ما أجمع المسلمون بل العقلاء).
ثانيا: يقال للدكتور الفاضل: لو كان مناط التحدي في المثلية هو نسبة ذلك إلى الله = فلم افترق القرآن عن باقي الكتب السماوية، لم كان التحدي بالقرآن خاصا بمحمد دون باقي الأنبياء؟ مع أنهم شاركوه في أصل التلقي بالوحي؟؟
كان المفترض على رايكم أن تتساوى الكتب السماوية في ذلك، و أن يتحدى كل نبي قومه بما أوحي إليه!!
و كلام رسول الله بين في هذا، قال ×: " ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " و الحديث في الصحيحين.
فالتوراة و الإنجيل و الزبور كذلك من الوحي المنزل، لكن لم يتحد بها، فلم إذًا خصه الله بالتحدي دون باقي آياته الأخرى.
قال ابن تيمية: (بل لم ينقل عنه التحدي إلا في القرآن خاصة ولا نقل التحدي عن غيره من الأنبياء مثل موسى والمسيح وصالح) النبوات 1/ 541.
¥