تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنَّ زعم من يزعم: إنَّ التحدي بالإعجاز بدأ مع أول يوم نزل فيه القرآن، بدليل أنَّه مطلوب مع أول نزول للقرآن الكريم الإيمان بالإسلام ونبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل هذا القول خطأ في فهم المعجزة، وهي أي المعجزة لا تكون أصلاً، بل هي جواب لمن أنكر رسالة النبي، أمَّأ من قام عنده الدليل عقلا على الله، وأقام عقله على التسليم بحكمته: إذ يخلق الخلق، وأنه مطلوب منهم فعل الحسن واجتناب القبيح، وأنَّ المخالف محاسبٌ، وأنَّ من قال: إنَّهُ نبي ورسول فهم يعرفونه ويعرفون سيرته، فهم يصدقونه بهذه الدلائل، فخديجة أو علي أو زيد أو هند بن أبي هالة ابن خديجة وربيب بيت المصطفى أو الملأ من قريش وعلى رأسهم أبي بكر والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص؛ فهم ليسوا بحاجة إلى دليل الإعجاز، ليؤمنوا بالشهادة الثانية، من يحتاج دليل الإعجاز نوعان من الناس: معاصر للرسول مكابر، أو من لم يعاصر الرسول من الأجيال الإنسانية التي تأتي في غير زمن الرسول، والذي يتمعن دعوات الرسل، يعرف أنَّ الرسل لا يبدأون رسالتهم بالتحدي، فإبراهيم عليه السلام لم يقل: إنه نبي، ودليل صدق دعواي، أنْ تضعوني في النار وأخرج سالما، المعجزات يظهرها في واحدة من حالتين، بناء على طلب من المرسل إليهم أو لحفظ النبي حتى يؤدي رسالته، وكلما كابر المكابرون تعددت المعجزات، ففرعون كابر موسى ولهذا تعددت المعجزات قال تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} وأكثر ينو إسرائيل التبرم والأسئلة فتعددت المعجزات على يد موسى لهم (النمل:12).

فصل حول الإعجاز

حكى أبو عمرو الآدمي قال: قال أبو الهذيل: ورد كتاب المهدي في حملي من البصرة فحملت. واجتمع الناس لانتزاعي منهم؛ فنهيتهم، فبينما أنا في وسط دجلة، إذ برجل قرب زورقه من زورقي فقال: إني رجل أشكل عليَّ أشياء من القرآن، فقيل لي إنَّ بغيتي عندك، فقد اتبعتك فاتق الله! قلت: فما جنس ما أشكل عليك؟ قال: آيات توهمني أنها متناقضة أو ملحونة، قلت: فماذا أحب إليك: أنْ أجيبك بجملة، أو تسألني عن آية! آية، فقال: بل الجملة. فقلت: أتعلم أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كان من أوسط العرب؛ غير مطعون عليه في لغته؛ وأنَّهُ كان عند قومه من أعقل العرب، لا يُطْعَنُ عليه، قال: ألّلهم نعم. قلت: فهل تعلم أنَّ العرب كانوا أهل جدلٍ وبيان؟ قال: اللهم نعم. قلت: فهل اجتهدوا في تكذيبه؟ قال: اللهم نعم. قلت: فهل تعلم أنهم تعلقوا عليه بالمناقضة أو اللحن؟ قال: اللهم لا. قلت: فتترك قولهم مع علمهم باللغة؛ وتأخذ بقول رجل من الأنباط! فقال: أشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأشهد أنَّ محمد رسول الله، كفاني هذا! وانصرف وتفقه في الدين!.

معنى الإعجاز

الإعجاز من مادة (ع ج ز)، جاء في لسان العرب لابن منظور: العجز نقيض الحزم، عَجَزَ عن الأمر يَعْجزُ [أي فتح كسرٍ] وعَجزَ عَجْزاً فيهما وتأتي في لسان العرب على معنيين: الأول الضعف وفقدان القدرة فتقول العرب: عجز عن الشيء أي ضعف عنه، وتقول العرب: عجزت عن فلان؛ إذا لم أقدِر عليه.

محاولة التعرف على الوحدة الإعجازية

هذه دعوة للتعرف على معنى قول: (الوحدة الإعجازية)؛ من الثابت أنَّ القرآن تحدى العرب جميعا " بأنْ يأتوا بمثل هذا القرآن" وإذ كلمة القرآن تصدق على:

1. القرآن الكريم كله.

2. أي سورة من سور القرآن الكريم.

3. أي آية من القرآن الكريم.

4. أي جزء من أية آية تحت شرطين:

§ الأول ليس حرفا من حروف المباني ـ أي حروف الأبجدية ـ أو المعاني سواء كان من حرف واحد ـ مثل الكاف ـ من قوله تعالى: [كَمِثْلِهِ] أو الثنائي مثل حرف من في قوله: [مِنْ نِعْمَةٍ] أو الثلاثي مثل لكن في قوله تعالى: [لَكِنِ الرَّاسِخُونَ] وغير ذلك من حروف المعنى فلا يتيسر للواحد أنْ يأتي بالحرف ويقول: هذا من القرآن، بل يقال: إنَّ حروف القرآن هي حروف عربية اسماً وصوتا، أو أنَّ يقال: هذا ورد في القرآن كحرف مبنى كذا مرة، وكحرف معنى كذا مرة، وفي السورة الفلانية كذا مرة وليس غير ذلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير