تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

§ الثاني ليست كلمة مفردة؛ سواء كانت اسما أو فعلا أو حرفا، لقد ورد بحث حرف المعنى مع بحث حرف المبنى لاشتراكهما في الاسم، وهذه الفقرة بحث في الكلمة اسما كانت أو فعلا، والمقصود الكلمة التي وردت في القرآن الكريم، مثل: الله أو قال، فلا يقال: هذه قرآن كريم، سواء كانت كلمة مفردة، أو كلمة مضافة، أو شبه جملة مثل: يد الله أو فوقهم، والضابط لكل ذلك موضوع التضمين، فما يصح تضمينه هو قرآن، وما لا يصح تضمينه ليس قرءاناً، ويفهم من ذلك أنَّ القرآن من الآية: هو ما كان جملة اسمية أو فعلية، دون أي تغيير في حالها.

§ والسؤال: أي من هذه الأربعة هو المعجز؟ هذا سؤال يجب الجواب عليه من قبل النابتة الجدد! وهو سؤال يتحدى هؤلاء المتألهة الجاهلة معرفيا؛ التي تثور عندها مشاعر التقديس حين تحديد الوحدة الإعجازية بأنها السورة وليس أقل من ذلك؛ تماما هي مثل الدب الذي قتل الطفل ليحميه من ذبابة!.الوحدة الإعجازية: هل هي آية واجدة فتكون (الم) (البقرة:1) وهي آية و (يّس) وهي آية أيضا ومثل (مُدْهَامَّتَانِ) (الرحمن:64) وغير ذلك آيات كثيرة فإنْ قالوا: لا. وهم لابد قائلون، فكيف التفريق بين الآيات؟ وما يحكم فيها بالإعجاز؟ وما لا يحكم فيها بالإعجاز؟ هل المعيار طول الآية؟ أو تمام المعنى؟ أو البلاغة والفصاحة؟ أيها هو المعيار؟ أيها السادة النوابت! والسادة المتألهة!!! فإن قيل إنَّ قوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِه} لا يدل والنص لم يقل: إنَّ ما دون السورة ليس معجزا والنص في مثله {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} ينطبق على أي جزء يوصف بأنه قرآن، يُرَدُّ عليهم بأن الآية من القرآن قرآن، وحتى الجملة من الآية هي قرآن أيضا، ومع أنهما قرآن كما مر، إلاَّ أنهما ليستا على وصف الإعجاز، فالأعجاز هو للقرآن كله، ثم لعشر سور من مثله، ثم لسورة من مثله، ومفهوم العدد هو مفهوم حصر، لكن الكارثة هو في اعوجاج الفهم، ذلك أنهم يجهلون أسباب تسمية السورة بأنها سورة، ناظرين على الغالب إلى البلاغة في النص، والبلاغة يقينا ليست الإعجاز، فالسورة صارت سورة لخصائص لها: أهمها الوحدة الموضوعية، فكل سورة تفقد جزءا منها فقدت الوحدة الموضوعية، وإنْ استبدلت كلمة مكان كلمة فقدت الناحية الجمالية في السورة، فكل سورة ـ حتى حين العجز عن إدراك ذلك ـ هي مختلفة عن غيرها، على أنَّ منطوق النص جعل الوحدة الإعجازية على الأقل هي السورة. تحديد السورة في القرآن ليس تقسيما من الصحابة، بل هو تقسيم من الله تعالى، كما يتبين من معطيات تدوين القرآن ـ إلاَّ ما قيل عن سورة التوبة، وهو قول ضعيف؛ لا يصمد أمام البحث، وسورة، وتجمع سُوَراً، والترجيح الواضح أنها أي الجمع بغير همز، فيكون معنى السورة المنزلة من منازل الارتفاع، وسمي سور المدينة سورا لحمايته ما يحويه بسبب ارتفاعه، وفي هذا المعنى قول نابغة بني ذبيان في مدح النعمان بن المنذر ملك الحيرة:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أعْطَاكَ سُورَةً تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ

يعني الذبياني في ذلك أعطاك منزلة من منازل الشرف، التي قصرتْ عنها منازل الملوك، فهي سورة لارتفاعها وعلو قدرها بسبب خصائص هي عليها، ولا يمكن تسمية سورة من القرآن بأنها سورة؛ إذا نقصت آية أو كلمة؛ أو استبدلت بها كلمة خارج القراءات المتواترة، وقراءة الآحاد أو القراءات الشاذة ليست قرءاناً، فهل أدركتم ذلك أيها السادة؟!

يترتب على ما سبق: إمَّا الأخذ بنظرية الإعجاز الشامل؛ ويتولد عنها وجود آيات معجزة، وأخرى غير معجزة، ويقال لهم ماذا تقولون في قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} أهي معجزة لوحدها؟ وهم لا بد نافون لذلك، فما هو بديلهم؟ أو الأخذ بنظرية الصِّرفة كما هي عند ابن حزم وهي قوله: إنَّ كل كلمة قائمة المعنى، يعلم أنها إذا تليت من القرآن، فإنها معجزة، لا يقدر أحدٌ على المجيئ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير