تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بمثلها أبدا، لأن الله تعالى حال بين الناس وبين ذلك، في اليسير من القرآن وفي كثيره، ويرد على ابن حزم قصة قول عمر أو غيره: تَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالقينَ قبل نزولها في آية: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون:14) لكن عند ابن حزم: إنَّ الكلمة متى ذكرت في خبر ـ على أنها ليست قرءانا ـ فهي غير معجزة، فابن حزم لا يعتمد التحليل اللغوي بل يعتمد منطوق النص على الظاهر وليس على المعنى.

فائدة للتفكر والاعتبار

أبن حزم يقول: بالصرفة، وقوله قريب من الضرب الأول الذي قالت به المعتزلة، وهو قد رد حديث البخاري في حرمة الغناء والمعازف إذ أباحهما، وهو قد قال بوفاة عيسى بن مريم ويعيده الله حيا عند نزوله، وهو قد هاجم الأشاعرة هجوما لا هوادة فيه في كثير من مقالاتهم، وهو سليط بلسانه على أبي حنيفة ومالك، ومع ذلك ليس محلا للهجوم من قبل أهل الحديث والأشاعرة والسبب أنه يري طاعة الحكام، وإنْ ظلموا، أو فسقوا، وهذا يفسر حقيقة الهجوم على المعتزلة، ورغم خروج المعتزلة من الحياة الفكرية للمسلمين، ومع أنَّ المعتزلة طورت نظرية الصرفة إلى نظرية النظم، إلاَّ أنَّ نار العداوة والبغضاء لا زالت موجودة عند جمع الإسلاميين ـ دون استثناء ـ بلا بصيرة ولا تبصر، ولا حجة ولا دليل، بل هم على موروث العمى، وصدق الله تعالى إذ يقول في كتابه: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (الاسراء:72).

لماذا لا زال الهجوم الأعمى يلفهم؟ أعن قراءة فاحصة لمواضيع الاختلاف؟ أو هو الموروث القاتل؟ جاء في تعليق (السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم) وهو محقق النكت والعيون أي تفسير الماوردي عند ذكره الصرفة توثيقا لرأي قيل في الإعجاز في الهامش رقم (32) ما يلي:

((وهذا الوجه ضَعَّفَهُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ووصفه بأنه أضعف الأقوال وهو قول أهل الكلام. وقد ردَّ هذا الوجه أيضا الإمام الخطابي)) ويشير إلى المرجع بقوله ((راجع الدقائئق (1/ 155) ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للخطابي ص21. يلاحظ أنه لم يشر إلى مرجعه عن ابن تيمية.

الإعجاز في النظم ليس غير

ما هو النظم: النظم في القرآن الكريم هو في الحروف في الكلمة وفي ترتيب الكلمات وفي تعاقب الجمل وشبه الحمل في الآية وفي ترتيب الآيات وفي مفتتح السورة وفي ختام السورة أي جملة ترتيب السورة بدءاً من أولها إلى آخرها ومن الطبيعي احتواء السورة على علو في الصور البيانبة، والغاية في الفصاحة، واشتملت حروف كلمات القرآن على نظم أدى إلى جرس بديع ونسق صوتي يثير الحس ويرهف الذوق ولذلك قيل الكلام في العربية على ثلاثة أضرب: شعر، ونثر، وقرآن، والحقيقة أنه نثر جمع كل شروط النثر، لكنه نوع من النثر فريد، ما بين نثر مرسل كقوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ *وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ *} ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ومثل آية الدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير