تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أو نثر غير مرسل أي تدخل عليه الفاصلة وهي جميع صغار السور ذات إيقاع سريع

أوجه الإعجاز الكلاسيكية

§ الوجه الأول: هو البلاغة إذ الإعجاز فيها. وقد فسر الوجه الأول من القائلين به: بأنه اشتمال يسير لفظه على كثير من المعاني، وضربوا مثلا لذلك قول الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) (البقرة: من الآية179) فجمع في كلمتين هما: (الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) عدد حروفهما عشرة أحرف، معاني كلام كثير، وقد رد مصطفى صادق الرافعي في كتابه (تحت راية القرآن) على من ساوى بين قول العرب: [القتل أنفى للقتل] وقوله تعالى: (الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) ردا طويلا، وشرح شرحا وافيا حقيقة الإيجاز في قوله تعالى: (الْقِصَاصِ حَيَاة) وقد أسس الرافعي رده على الإيجاز من جهة، وعلى التمييز بين الحروف المتلائمة والمتنافرة بين النصين، ورأى أنَّ في نص: [القصاص حياة] طباقا ـ أي تحوي محسنا لفظياً، أي جمعت العبارة القرآنية بين متضادين، فجعلت الآية القصاص ـ وهو موت القاتل ـ حياة، أي وصفته بضده؟.

كان الظن أنَّ الرافعي جاء بقوله باجتهاد منه، فإذا بالحقيقة أنَّ أمر التمييز بين القصاص حياة والقتل أنفى للقتل، ورد عند الماوردي في النكت والعيون، وعند الطبرسي في مجمع البيان.

البلاغة ذات وجوه ملتئمة، ربما يتيسر للواحد إماطة اللثام عنها، فتتجلى على السامع، أمَّا نفس وجه الإعجاز فلا، ومن هنا يستحيل أنْ تكون البلاغة هي الإعجاز.

من المعلوم عند القاصي والداني " أنَّ كلام العرب ـ قبل نزول القرآن ـ هو كلام بليغ شعرا ونثرا، ويكثر فيه الإيجاز "، وبالتالي تكون بلاغة القرآن مجردَ فرقٍ تَمَيَّزَ به القرآن، والتميز لا يكون إعجازا، على أنَّ في داخل النص القرآني تمايز على بعضه البعض، فأي منها هو المعجز؟ ومن المعلوم أنَّ التحدي هو تحدي تعجيز وليس تحدي تمييز. فالبلاغة إذن ليست هي الإعجاز.

§ الوجه الثاني: هو ما يظهر من فصاحة في نص القرآن ـ أي في البيان ـ وقد أجمع الفصحاء والبلغاء على المنزلة العليا للفصاحة في القرآن. حكى القاسم بن سلام (كنيته أبو عبيد) وهو مشهور بهذه الكنية، قال: إنَّ أعرابيا سمع رجل يقرأ: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) (الحجر: من الآية94) فما كان من الأعرابي إلاَّ أنْ سجد! وقال سجدت لفصاحة هذا الكلام! وقال أيضا أي أبو عبيد: سمع رجلٌ رجلاً آخر يقرأُ: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً) (يوسف: من الآية80) فقال السامع: أشهد أنَّ مخلوقا لا يقدر على هذا الكلام. وحكى الأصمعي " هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي ت بالبصرة سنة 216هـ قال: رأيتُ بالبادية جارية خماسية أو سداسية وهي تقول:

استغفر الله لذنبي كله قتلتُ إنساناً لغيرِ حلِّهِ

مثْلَ غَزَالٍ ناعمٍ في دَلِّهِ فَانْتَصَفَ الليل ولم أُصَلِّهِ

فقلتُ لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أتعدُّ فصاحة بعد قول الله عزَّ وجلَّ: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين َ) (القصص:7). فجمع في آية واحدة بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وإنشاءين (يلاحظ أنها تتكلم عن مستوى من الفصاحة وليس كلامها عن الإعجاز).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير