تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أولا: ـ الخصائص الأسلوبية في إدراك اللفظ بذاته حروفا وأصواتا وهيأة في الشكل، وإدراكه بمعناه، فالمعنى هو نفسه لم ينقص منه شيء، ولكنه أضيف إليه إطار أسلوبي جديد حينما حاول هذا اللفظ مغادرة مناخه الأولي الى مناخ أوسع، وحينما أريد به الاستعمال المجازي بتطور ذهني نقله من موقع الى موقع آخر، وزحف بمعجمه من حدث إجتماعي معين له دلالته المركزية في الذهن الى حدث أكبر، هذه التركيبة الجديدة يستغني بها المتلقي عن كل التركيبات المعقدة الأخر في لغات العالم، فالإيجاز من جهة، والتطوير من جهة أخرى، والاكتفاء عن تركيب جديد من جهة ثالثة، كلها خصائص أسلوبية في مجاز القرآن، فكان حلقة الوصل بين الذات المعبرة وإرادتها المتجددة في المعاني المستحدثة، وهذا هو التطور اللغوي في اللغة الواحدة ذات الطابع العالمي في السيرورة والانتشار، فقد تجيء صفة الأحداث في إسنادها مبنية للمجهول، مع أن الفاعل الحقيقي معروف وهو الله تعالى، ولكن النص لا يتعلق بمحدث الأفعال وموجدها، وإنما العناية متجهة نحو الحدث، وقد يسند الفعل لغير فاعله الحقيقي، تأكيدا على هذه الظاهرة، وكأن الفاعل غير الحقيقي قد توصل اليه ففعله، وإن لم يكن لهذا الفاعل حول أو إرادة، هذا وغيره يمثل لنا عمق الخصائص الأسلوبية في مجاز القرآن.

ثانيا: ـ الخصائص النفسية في مسايرة النص القرآني للنفس الإنسانية في مجالي الترغيب والترهيب، فإن أريدت الصورة وهي متناهية في الجمال والأناقة وجدنا المجاز القرآني يقود اللفظ الى ما هو أرجح معنى، وأرق حسنا في حالة النقل مما كان عليه قبلها، وإن أراد صورة متداعية في القبح ساق اللفظ الى ما يمثل تلك الصورة بما هو أردأ منه في صيغته الحقيقية، فكان ذلك مجالا فريدا، في تكييف النص الأدبي نحو المراد المولوي.

وحديث النفس في مجاز القرآن ذو أبعاد تشكل جزءا قويما من خصائصه الفنية في عدة نماذج بيانية، أشار إليها المبحث بتلبث وعلى مكث.

ثالثا: ـ الخصائص العقلية في الإيحاء والتلويح والرصد لما وراء الظاهر ضمن إشارات دقيقة في ألوان وخطوط وظلال تضج بالحركة،


(170)

ولكنها تحمل أكثر من معناها الظاهري في كثير من الأبعاد التي توهم ببعض الشبه لدى الساذجين، ومهمة المجاز العقلية كفلت درء هذه الشبهات بما تسخره من طاقات بيانية كاشفة، وبما تستلهمه من مناخ عقلي يقود الذهن الى ميناء سليم. وهكذا الحال فيما شأنه الرصد العقلي، أو إثارة مكنونات العقل الإنساني بلحاظ ما، فتثير الحوافز، وتنبه المدارك، وتحرك المشاعر، في نماذج وأمثال قرآنية متعددة تتبعنا أهمها وأعمقها.
4 ـ في الفصل الرابع، وهو بعنوان المجاز العقلي في القرآن، بحثنا بإشباع:
أولا: ـ تشخيص المجاز العقلي في القرآن وعند العرب، ويعود كشف هذا النوع الى عبد القاهر فهو مبتدعه ومبتكره من خلال نظره الثاقب في مجاز القرآن العقلي، وهو مسميه بأسمائه المختلفة السمات والمتحدة المسميات.
ثانيا: ـ المجاز العقلي في القرآن بين الإثبات والإسناد، لأن المجاز إذا وقع في الإثبات فهو متلقى من جهة العقل، وإذا عرض في المثبت فهو متلقى من جهة اللغة. وإنما يصار الى مجاز القرآن العقلي لأن جملة من الملاحظ المجازية لا يمكن أن تنسب الى اللغة في دلالتها لأنها حقيقة الألفاظ، وإنما يرجع فيها الى العقل في إشارته في الحمل على الإرادة المجازية في الإسناد الحملي، ولا علاقة لذلك بالألفاظ ذاتها دون إسنادها، فلا هو من باب اللفظ المفرد فينظر بعين الاستعارة، ولا في الكلمة نقل عن الأصل اللغوي فينظر له بلحاظ المجاز المرسل، وإنما يكتشف باعتبار طرفيه في الإسناد وقد يكونان حقيقيين، وقد يكونان مجازيين، وقد يكون أحدهما حقيقيا والآخر مجازيا، ولا يدرك المجاز العقلي إلا من اقتران الطرفين مجتمعين.
ثالثا: ـ قرينة المجاز العقلي في القرآن، فهو وإن كان متعلقا بالإسناد، ولكن لا بد له من قرينة دالة عليه لفظية أو غير لفظية، وقد يعبر عن اللفظية بأنها مقالية، وعن غير اللفظية بأنها حالية، وكلاهما مما يدرك بهما العقلي من المجاز. والقرينة غير العلاقة، فالقرينة دالة على المجاز والعلاقة السبب الداعي الى استعمال المجاز.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير