تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والجبال] ثم خلق الشمس ثم الكواكب التي ما هي إلا قطع انفصلت عن الشمس ثم خلق الجن ثم النجوم وهذا

معنى " أنا لمسنا السماء فوجدناها ملأت حرسا شديدا و شهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع … " (الجن:8ـ9)

[" حرسا " أي الملائكة عليهم السلام ـ " شهبا " يعني النجوم ـ " مقاعد " يعني الكواكب].

إذن بعد ما خلق الله عز وجل الجن تكاثروا وعمروا الأرض ومثلهم كمثل الإنس تماما أي أن منهم المؤمنون

الصالحون ومنهم المؤمنون الضعاف الإيمان ومنهم المفسدون وهذا معنى " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا

طرائق قددا "و " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون …" (الجن:11 و 14) [لو تأملنا جيدا في الآيتين الكريمتين لوجدنا

أن الجن كان منهم مسلمون صالحون (" منا الصالحون ") ومنهم مسلمون غير صالحين أي الذين خلطوا عملا

صالحا وآخر سيئا (" و منا دون ذلك ") ومنهم غير هذين الصنفين أي المفسدون (" ومنا القاسطون ") ومثل هذه

الأصناف قي هاتين الآيتين الكريمتين كمثلهم في قوله عز وجل "… فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق

بالخيرات… " (فاطر:32)، " طرائق " يعني أصناف و جماعات].

فبعد ما تكاثر الجن في الأرض شاء الله عز وجل أن يسمع ويستمع نفر من الجن إلى الملائكة عليهم السلام وهي

تتلو القرآن الكريم ("فالتاليات ذكرى " (الصافات:3)) فولوا إلى قومهم منذرين مما سمعوا من الحق وهذا معنى " قل

أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا " (الجن:1) [كان هذا قبل أن يخلق آدم عليه السلام

والذي تلا عليهم القرآن الكريم ليس النبي (ص) كما في قوله عز وجل " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون

القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا …" (الأحقاف:29) وإنما الملائكة عليهم السلام وهذا معنى " والصافات صفا

فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا " (الصافات:1,2و 3)] وهذا هو السر في قوله عز وجل " ولقد كتبنا في الزبور

من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " (الأنبياء:105) ومن المعلوم أن الزبور الذي أوتي داوود (ص)

أنزل قبل القرآن الكريم وبعد إنذار النفر لقومهم فمنهم من آمن وأصلح ومنهم من عتى عن أمر ربه وبعد

طغيانهم عذبهم الله عز وجل فرجمهم بنجم ونيزكين والذين يسميهم الله عز وجل " الذاريات "، " المرسلات "،

" النازعات "، " الخنس الجوار الكنس " و " العاديات " و كان هذا العذاب إعذارا للذين خلطوا عملا صالحا

وآخر سيئا أي أنه هذا هو مصيرهم لو يتمادوا في ذنوبهم ولم يستقيموا وإنذارا للصالحين أي هذا هو مصيرهم

لو يحيدوا عن الطريق المستقيم وهذا معنى قوله عز وجل " عذرا أو نذرا " (المرسلات:6) وهذا بعد ما زجرهتم

الملائكة عليهم السلام طبعا (فالزاجرات زجرا).

يقول الله عز و جل: " و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها

و يسفك الدماء ... " (البقرة:30)

بما أن الملائكة عليهم السلام خلق من خلق الله عز وجل لا يعلمون الغيب [" قل لا يعلم من في السماوات

و الأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون " (النمل:65)] قالت الملائكة " من يفسد فيها ويسفك الدماء "

لأنها شاهدت الجن الذي كان يعيش في الأرض قبل أن يخلق آدم عليه السلام الذي كان كثير الفساد.

إن المراد من " خليفة " هو أن الله عز وجل خلق آدم عليه السلام ليجعله هو وذريته خليفة للجن الذي كان

يعمر الأرض قبل الرجم العظيم وليس خليفة لله عز وجل , فكيف يخلف المنافق أو الكافر الله عز وجل وهذا

يؤيده قوله عز وجل: " ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون " (الزخرف:60)

يقول الله عز وجل: " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " (البقرة:21)

" الناس " هم البشرية جمعاء أي بنو آدم و " الذين من فبلكم " هم الجن.

يقول الله عز وجل: "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين " (الحجر:24): " المستقدمين " هم

الجن و " المستأخرين " هم الإنس.

يشير الله عز وجل إلى ذلك العذاب بقوله:

ـ " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم و أتاهم العذاب

من حيث لا يشعرون " (النحل:26) [" الذين من قبلهم" أي قبل الناس أي الجن، " فأتى الله بنيانهم من القواعد" أي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير