تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن الله العليم الخبير أخبرهم أنه ما آتى قرية، من القرى التي بعث فيهم الرسل، آية على يدي نبيّها، فآمنوا بها، بل كذّبوا، فحقّت عليهم سنّة الله بإهلاك من لم يكن منه الإيمان من متقدّمي القرون وسالفي الأمم {مَآ ءَامَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـ?هَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 6].

ثم جاء القول الفصل: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ... ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ} [الأنبياء: 7 - 9]، كمقدّمة لما سيجمله في النصف الأخير من السورة، من تخليص الأنبياء والرسل - عليهم السلام - من أقوامهم، وإهلاك من أسرف وأفك ولم يؤمن .. {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الآية: 11].

ثم قال الله تعالى مسليّاً لرسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - عمّا آذاه به المشركون من الاستهزاء والتكذيب: {وَلَقَدِ ?سْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِ?لَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} [الأنبياء: 41] مؤكّداً له مساواته - عليه الصلاة والسلام - بإخوانه من الرسل ومخبراً له بالعذاب الذي كانت أقوامهم يستبعدون وقوعه ..

ثم جاء التفسير الإجمالي لقوله تعالى في بداية السورة: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ... ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ} [الأنبياء: 7 - 9].

ونلاحظ من سياق الآيات أن الحديث عن الأنبياء والرسل قد بدأ بثلاثة من أولي العزم منهم، وهم موسى وإبراهيم ونوح - عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام ..

وإن سياق الآيات في قصّة إبراهيم ونوح وقصة لوط من قبله يشير إلى نجاة هؤلاء الأنبياء من أقوامهم بتأييد من الله تعالى لهم بنصره المؤزّر.

فقد أخبر تعالى عن نجاة نبيّه إبراهيم - عليه السلام - قائلاً: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ * ... * قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 51 - 71].

وأخبر عن نجاة نبيّه لوط - عليه السلام - قائلاً: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنبياء: 74 - 75].

وأخبر عن نجاة نبيّه نوح - عليه السلام - قائلاً: {وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنبياء: 76 - 77].

وهذه الإشارات الجليّة تتسق أيضاً مع ما جاء قبلها في بلاغ من الله تعالى بالـ (الفرقان) - النصر - الذي آتاه الله تعالى موسى وهارون، فنجّاهما من فرعون وجنوده في قوله سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء: 48] وقوله تقديماً لهذه الأحداث في بداية السورة: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ... ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ} [الأنبياء: 7 - 9].

والله أعلم.

وكذلك فإن الآية لا تذكر الاسم المضاف "يوم الفرقان" حتى يكون المقصود بهذه اللفظة المعنى الشرعي وهو يوم النصر في بدر والذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، حتى يكون من الجائز لابن زيد أن يشبه يوم بدر بيوم نصر الله لموسى وهارون على فرعون.

أخي الفاضل:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير