يقول أبو هلال العسكري (ت 400هـ): " الضياء ما يتخلّل الهواء من أجزاء النور فيبيض بذلك، والشاهد أنهم يقولون: ضياء النهار، ولا يقولون: نور النهار إلا أن يعنوا الشمس. فالنور الجملة التي يتشعّب منها، والضوء مصدر ضاء يضوء ضوءاً، يقال: ضاءَ وأضاءَ أي ضاء هو وأضاء غيره " /5/.
ويقول الراغب الأصفهاني (ت 502هـ): " الضَّوْءُ ما انتشر من الأجسام النيِّرة ويقال ضاءت النار وأضاءت وأضاءها غيرها " /6/. " أما النور فهو الضَّوء المنتشر الذي يعين على الإبصار ... وتخصيص الشمس بالضوء والقمر بالنور - في قوله تعالى (جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) - من حيث إن الضَّوْء أخصّ من النور، وقال (وقمراً منيراً)، أي ذا نور " /7/.
وجاء في (مفردات اللغة في الفروق): " الضوء ما كان من ذات الشيء المضيء، والنور ما كان مستعاراً من غيره، وعليه يدلّ القرآن: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً)، فالضياء أتمّ وأكمل من النور، والنور أعمّ منه " /8/.
ويقول السمين الحلبي (ت 756هـ): " الضَّوْء ما انتشر من الأجسام النيّرة، يقال ضاءت النار وأضاءت غيرها ... وسمّى الله كتبه المنزلة ضياء من حيث إنها تنير وتبصر من اهتدى بها. قال تعالى: (ذهب الله بنورهم) ولم يقل بضيائهم وإن كان أخصّ، إذ لا يلزم من نفي الأخصّ نفي الأعمّ، فكان نفي الأعمّ أبلغ " /9/. ويقول عن النور: " في الأصل هو الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار. وفي قوله تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) جعلت الشمس ضياء لأن الضياء أخصّ من النور، إذ الضوء نور قوي. ولهذا قيل: لم قال تعالى (وذهب الله بنورهم) ولم يقل بضيائهم؟ فلم ينف عنهم ما هو أقوى. وجوابه أنه لا يلزم من نفي الأخصّ نفي الأعمّ، إذ لو نُفي عنهم الضوء لجاز أن يُتوهّم بقاء نور. فإذا نُفي عنهم النور الذي هو أعمّ لزم منه نفي الضوء الذي هو أخصّ " /10/.
ويقول الفيروزآبادي (ت 817هـ): " النور: الضياء والسناء الذي يعين على الإبصار .. والضوء: أخصّ من النور " /11/.
المبحث الثالث: الضياء والنور في اصطلاح العلم الحديث:
جاء في معجم كشاف المصطلحات: " الضوء كيفية لا يتوقّف إبصارها على إبصار شيء آخر، وعكسه اللون، فهو كيفية يتوقف إبصارها على إبصار شيء آخر، فإن اللون ما لم يصر مستنيراً لا يكون مرئياً ...
والضوء قسمان: ذاتي: وهو القائم بالمضيء لذاته كما للشمس فإنها مضيئة لذاتها غير مستفيدة ضوءها من مضيء آخر. وعرضي: وهو القائم بالمضيء لغيره كما للقمر ويُسمّى نوراً إذا كان ذلك الغير مضيئاً لذاته من قوله تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً)، أي جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور. وقوله تعالى (جعل الشمس سراجاً والقمر نوراً) فيه إشارة للفرق بين الضياء والنور، فالشمس مضيئة والقمر اكتسب نوره من الشمس ... وقد يقال النور يختصّ بالمنير بالواسطة كالقمر، والضوء بالمضيء بالذات كالشمس " /12/.
وجاء في موسوعة (كوليير): " تنقسم أشعّة الشمس إلى نوعين: موجات أشعّة مرئية وتتكوّن من ألوان الطيف (البرتقالي، الأحمر، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، البنفسجي). وموجات أشعّة غير مرئيّة للعين المجرّدة (أشعة كونية، جاما، سينية، فوق بنفسجية، تحت حمراء، راديو). فالنور هو أشعّة الطيف فقط، أو الأشعّة المرئية. أما الضوء فهو خليط منها جميعاً، أي خليط من الأشعّة المرئية وغير المرئية " /13/.
المبحث الرابع: الضياء والنور في مباحث وكتب الإعجاز:
يعقب الدكتور مصطفى مسلم على قوله تعالى (وجعل الشمس ضياء والقمر نوراً) قائلاً: " الشمس سراج وهّاج يعطي الضوء من ذاته. والقمر كالمرآة التي تعكس الضوء الساقط على سطحها نوراً يبدّد به الظلام " /14/.
¥