تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويقول الدكتور صلاح الخالدي: " القمر في آيات القرآن نور ومنير، والشمس سراج وهاج، ولم يأت الفرق بينهما مصادفة، وإنما هو مقصود مراد. فالشمس سراج وهاج تعطي الضوء والحرارة من ذاتها، وهي تتوهج وتحترق من داخلها، فيها الاشتعال والنار والاحتراق والطاقة. والقمر نور ليس في داخله طاقة ولا احتراق، وإنما هو كالمرآة تعكس الأشعة الساقطة عليها، ونور القمر الذي يبدو في الليل ما هو إلا انعكاس لأشعة الشمس الساقطة عليه، مع أنه في نفسه مظلم بارد. هذا ما يوحي به تفريق القرآن بين وصف الشمس ووصف القمر " /15/.

المبحث الخامس: الضياء والنور في الحديث الشريف:

عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ".

الحديث رواه مسلم، وأحمد، والترمذي، والدارمي، والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجة، والبيهقي في كتاب السنن، والطبراني، وابن حبان، وابن مندة في كتاب الإيمان.

والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: ما هو السرّ الذي من أجله خصّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصلاة بالنور، والصبر بالضياء؟

يقول أبو الفرج الحنبلي رحمه الله (ت 795هـ): " قوله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء "، هذه الأنواع الثلاثة من الأعمال أنوار كلها، لكن منها ما يُختصّ بنوع من أنواع النور، فالصلاة نور مطلق. فهي للمؤمنين في الدنيا نور في قلوبهم وبصائرهم تشرق بها قلوبهم وتستنير بصائرهم ولهذا كانت قرّة عين المتّقين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: جعلت قرّة عيني في الصلاة، خرّجه أحمد والنسائي ... وهي نور للمؤمنين لاسيّما صلاة الليل كما قال أبو الدرداء: صلّوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور ... وهي في الآخرة نور للمؤمنين في ظلمات القيامة وعلى الصراط، فإن الأنوار تقسم لهم على حسب أعمالهم. وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه ذكر الصلاة فقال: من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة " /16/.

ويقول – رحمه الله: " وأما الصبر فإنه ضياء، والضياء هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق كضياء الشمس بخلاف القمر فإنه نور محض فيه إشراق بغير إحراق، قال الله عزّ وجلّ: (هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً) .. ولمّا كان الصبر شاقّاً على النفوس يحتاج إلى مجاهدة النفس وحبسها وكفّها عمّا تهواه كان ضياءً، فإن معنى الصبر في اللغة: الحبس " /17/.

ويقول ابن عثيمين - رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم " والصلاة نور ": فالصلاة نور للعبد في قلبه وفي وجهه وفي قبره وفي حشره .. وكذلك تكون نوراً للإنسان في قلبه تفتح عليه باب المعرفة لله عزّ وجلّ، وهي نور في قبر الإنسان لأن الصلاة عمود الإسلام إذا قام العمود قام البناء وإذا لم يقم العمود فلا بناء ... وأما الصبر فقال إنه ضياء، أي فيه نور لكن نور مع حرارة .. فالضوء لابدّ فيه من حرارة، وهكذا الصبر لابدّ فيه من حرارة وتعب لأن فيه مشقّة كبيرة ولهذا كان أجره بغير حساب. فالفرق بين النور في الصلاة والضياء في الصبر، أن الضياء في الصبر مصحوب بحرارة لما في ذلك من التعب القلبي والبدني /18/.

المبحث السادس: خلاصة القول في الضياء والنور:

- الضياء ما انتشر من الأجسام النيّرة. والنور هو الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار.

- الضياء خاصّ. والنور عامّ. وهذا يعني أن كل ضياء نور، وليس كل نور ضياء.

- الضياء من ذات الشيء المضيء. والنور مستعار من غيره.

- الضياء أتمّ وأكمل وأقوى من النور.

- الضياء ما يضيء هو ويضيء غيره.

- النور يختصّ بالمنير بالواسطة كالقمر. والضوء بالمضيء بالذات كالشمس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير