تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كذلك أخي لؤي فعند البحث والتمحيص لاستنباط واستخلاص معنى محدد للفظة كالنور لا يمكن الاستدلال بآية واحدة هي (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) والاعتماد عليها فقط وترك جميع المعاني الأخرى المستخدمة لهذه اللفظة، لماذا لم تعمل النصوص التي تتحدث عن أن الملائكة من نور، أو أن إضاءة زيت الزيتون هو نور على نور مثلا؟ فأنا قد أقبل هذا القول بالنسبة لنور القمر ولكن ليس لمطلق هذه اللفظة في القرآن والسنة واللغة.

أما القول بأن التوراة ضياء لأن شريعة موسى عليه السلام كانت ثقيلة التكاليف ومشقتها لا يطيقها المرء وأنها مكبّلة بآصار وأغلال، وبالتالي فالتوراة ضياء وفيها نور ولكن الغالب على الشريعة هو الضياء لما فيها من الآصار والأثقال. فعندي على هذا القول تعقيبين:

1. أن هذا الوصف هو للشريعة فقط وليس للتوراة ككتاب وهذا يعني أنك تفسر الضياء بالشريعة وليس التوراة.

2. إن القول بان الضياء فيه حرارة وشدة وهذا يعني المشقة والكلفة يخالف قولك السابق بأن الضياء أتم وأكمل من النور، فكيف هو أتم وأكمل في حين أنه مشقة في حين أن النور هو كالحنيفية السمحة.

خلاصة القول وعودا على بدء، فإنني لم أجد في قولك ما يدل على وجود معنى شرعي لهاتين اللفظتين، وما أوردته من معاني اصطلاحية في العلم الحديث لا يقيد ولا يُلزم المعنى اللغوي في لغة العرب حين تنزُّل القرآن، فلا يبقى لنا إلا أن نأخذ بالمعاني اللغوية. وفي اللغة تطلق هاتين اللفظتين إما بمعناهما الحقيقي أو المجازي حسب سياق النص والقرائن.

وقد وردت كلمة ضياء في القرآن على الحقيقة اللغوية في أربعة مواضع هي:

(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) البقرة

(يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) البقرة

(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا (5) يونس

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ... (35) النور

ووردت كلمة ضياء في القرآن على المجاز في موضع واحد فقط:

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الأنبياء

ويستنتج من ذلك أن كلمة ضياء وفعل ضاء لم يرد في القرآن إلا بالمعنى الحقيقي في اللغة للضياء، والمرة الوحيدة التي وردت هذه الكلمة على المعنى المجازي هي في سورة الأنبياء والتي محل الخلاف بيننا وهي وردت بمعنى التوراة أو وصفها بأنها نور شديد.

أؤكد هنا على قبول قولك في التفريق بين الضوء والنور وأنهما ليسا مترادفين، وان الضوء هو نور شديد، وأن التوراة هي ضياء بمعنى أنها نور شديد. وأن الأصل العام هو النور. وأن لهذا النور مصدرا واحدا لذلك لم تأت هذه اللفظة في القرآن إلا مفردة في حين وردت لفظة الظلمات مقابل النور جمعا لتعدد مصادره.

وسأعود للتعقيب على المشاركة الأخيرة وقولك الكريم فيها لاحقا إن شاء الله.

ـ[يوسف الساريسي]ــــــــ[26 - 03 - 2006, 10:38 م]ـ

السلام عليكم

أخي العزيز لؤي

أقدرك فيك حقا نزاهتك ونزولك عند الحق، ووالله هذه تحسب لك.

إذن أخي العزيز لؤي، أنت تقول أن تقدير الآية هو: [ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان، وآتينا به ضياءً وذكراً للمتقين].

وبكلمات أخرى فأنت تقول أن "الفرقان" في الآية هو "التوراة”، وبالتالي فنحن متفقان في هذه النقطة لأن لفظة "فرقان" جاءت معرفة بالـ فهي للعهد، والمعهود في الفرقان إما أن يكون التوراة أو القرآن، والسياق يتحدث عن موسى عليه السلام فيكون المعهود من الفرقان هنا هو التوراة. وهذا ما رجحه غالب المفسرين على كل حال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير