به. وقال:
" هكذا رواه جماعة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم. وفي رواية شعبة عن
الحكم دلالة على أن الحكم لم يسمعه من مقسم؛ إنما سمعه من عبد الحميد بن
عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مقسم "!
قلت: ولا دلالة على ما ذكره البيهقي؛ لأن الحَكَمَ كان معاصراً لمقسم؛ فجائز
أن يكون قد سمعه منه مباشرة. وقد جزم أحمد ويحبي القطان بأنه لم يسمع منه
إلا خمسة أحاديث؛ ذكرها الحافظ في "التهذيب كا، وفيها هذا الحديث في إتيان
الحائض. وهذا أولى بالقبول لأمرين:
الأول: أنه مثبت، والبيهقي نَافٍ؛ والمثبت مقدم على النافي.
والآخر: أنهما أجلُّ من البيهقي وأعلم بالحديث ورجاله.
وقد تابع عبدَ الحميد بن عبد الرحمن على أصل الحديث غيرُ واحد عن
مقسم؛ لكن خالفوه في لفظه؛ وفي حفظهم ضعف، ولذلك أوردنا حديثهم في
الكتاب الآخر (رقم 41)؛ ولكنها على كل حال تشهد على أن أصل الحديث
مرفوع ليس بموقوف.
ورواه يعقوب بن عطاء عن مقسم ... به مثل رواية عبد الحميد.
أخرجه الدارقطني (ص 410)، والبيهقي (1/ 318) من طريق أبي بكر بن
عياش عن يعقوب. وقال البيهقي:
" ويعقوب بن عطاء لا يحتج بحديثه ". وتعقبه ابن التركماني بقوله:
" قلت: أخرج له ابن حبان في "صحيحه "، والحاكم في "المستدرك "، وذكر
ابن عدي أنه ممن يكتب حديثه؛ فأقل أحواله أن يتابع بروايته ما تقدم ".
وبعد؛ فإن الكلام على طرق هذا الحديث وأسانيده وألفاظه طويل جدّاً، وفي
القدر الذي ذكرنا كفاية في إثبات صحة إسناده.
وأما من حيثُ متنه؛ فالصواب فيه رواية عبد الحميد هذه؛ وهي التي
رجَّحها المصنف على غيرها وصححها كما رأيت، والألفاظ الأخرى المخالفة
لها؛ في أسانيدها مقال؛ فلا تصلح للمعارضة، ولا يجوز التمسك بها في
دعوى الاضطراب في متنه، كما سنبيِّن ذلك إن شاء الله تعالى في الكتاب
الآخر.
وقد قال الحافظ في "التلخيص " (2/ 426):
" والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جدّاً ". قال:
" وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق
الطعن فيه بما يراجع منه. وأقر ابنُ دقيق العيد تصحيحَ ابن القطان، وقوّاه في
"الإمام "، وهو الصواب؛ فكم من حديث قد احتجوا به؛ فيه من الاختلاف أكثر
مما في هذا، كحديث بئر بضاعة [رقم 59 و 60]، وحديث القلتين [رقم 56 - 58]
ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في "شرح المهذب " و "التنقيح "
و "الخلاصة": أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف
باتفاقهم. وتبع النوويُ في بعض ذلك ابنَ الصلاح ".
قلت: وقوّاه ابن التركماني؛ ومنه نقلنا ما ذكرنا في الأعلى عن أحمد. وكذا
قوّاه ابن القيم في "التهذيب ".
وتجد تفصيل الكلام على هذا الحديث وطرقه وألفاظه في تعليق الشيخ أحمد
محمد شاكر على "الترمذي " (1/ 246 - 254). وفيه تحقيق دقيق، لا تجده في
كتاب؛ إلا أنه وهم في بعض الشيء، لكنه لا يخدج في تحقيقه لصحة الحديث،
فانظر كلامنا على الحديث الآتي.أ. هـ
ـ[إسلام الغرباوي]ــــــــ[07 - 01 - 10, 05:35 م]ـ
أقوال بعض أهل العلم الذين ضعفوا الحديث
قال الشافعي:" فإن أتى رجل امرأته حائضاً أو بعد تولية الدم ولم تغتسل فليستغفر الله ولا يعد. وقد روي فيه شيء لو كان ثابتاً أخذنا به ولكنه لا يثبت مثله." معرفة السنن والآثار للبيهقي "موافق طبعة قلعجي" - (10/ 152)
قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 212)
"وَهَذَا خَبَرٌ قَدْ تُكِلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ"
وقال أيضا - (2/ 212)
فَإِنْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَيْنَ قَبُولِنَا مِنْهُ مَا أَوْجَبُ عَلَى الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَرْقٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ إِذَا ثَبَتَ وَجَبَ التَّسْلِيمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبُتِ الْخَبَرُ وَلَا أَحْسَبُهُ يُثْبَتُ فَالْكَفَّارَةُ لَا يَجُوزُ إِيجَابُهَا إِلَّا أَنْ يُوجِبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا وَلَا نَعْلَمُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ حُجَّةً تُوجِبُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ
¥