وأما ما يتعلق بالعلم من كلامك هنا:
1 - قولك (ولا يعني أن الإمام أحمد كان ولا يميز الموضوع من غيره فهو لم يشترط الصحة في مسنده ولكنه اشترط الشهرة) فرق بين اشتراط الصحة وبين ان يخرج حديثاً موضوعا مكذوبا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومثل الإمام أحمد لا يمكن ان يخرج حديثاً موضوعا، وقد قرر ابن تيمية و الحافظ ابن حجر وغيرهما وما وجد من أحاديث تكلم فيها في هذا الباب فهي من زيادات عبد الله والقطيعي.
قال الحافظ ابن جحر في الجواب عن الأحاديث التي ذكرها العراقي زاعماً انها من الأحاديث الموضوعة في المسند قال رحمه الله: (ونجيب عنها أولاً بالإجمال بأن الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام ... ) ثم ذكر الجواب عنها تفصيلاً في رسالته القول المسدد وينظر تعجيل المنفعة أيضا (ص 6) والتوسل والوسيلة لابن تيمية وخصائص المسند للحافظ أبي موسى المديني (ص 24)
ثم إني أسألك هل تحكم على هذا الحديث بالوضع أولا؟
2 - وقولك: (والحديث مع نكارته تفرد به مجهول العين، فالقول كما قال ابن حزم) ما وجه النكارة فيه؟ وما زلت بانتظار نقل قول ابن حزم المذكور.
3 - قولك: (هذا يكون في الغيبيات التي لا تُعلم إلا بنص، وأما ما جاز أن يكون اجتهاداً فلا يجوز أن يكون له حكم الرفع) إذا الإخبار بالأفضلية في الثواب والقرب من الله حال الصلاة والحلف على ذلك هل هو غيبي أو اجتهادي؟
4 - قولك: (أما إخراج ابن حبان للحديث (فضلا عن غيره) فليس لك فيه حجة، فكم من حديث ضعيف أو منقطع رواه ابن حبان في كتابه. وشرطه الذي ذكره في مقدمته، لم يلتزم به في كتابه ... )
لم أذكر إخراج ابن حبان للحديث إلا لبيان إثبات السماع عنده وهذا هو المقصود وإلا فوجود أحاديث ضعيفة في صحيح ابن حبان أمر معلوم لكل مطلع في هذا الفن فلا جديد في هذا الكلام.
5 - قولك: (وما ذكره ابن أبي حاتم ليس فيه لك حجة، إذ فيه أن شعبة يشترط ذلك، لا همام) جلوس همام في سماع الحديث المتصل على شرط شعبة مشاركة له في هذا الشرط لا سيما وهو يذكره كأمر مشهور متكرر من شعبة فقوله: (كان شعبة يوقف قتادة قال: فحدث شعبة ذات يوم بحديث فقال قتادة من حدثك أو من ذكر ذلك؟ فقال: نسألك فتغضب وتسألنا؟!) يدل على كثرة سماعه ذلك وحضوره الذي يبين فيه قتادة السماع لشعبة.
6 - قولك (لم أجد أوهى ولا أضعف حجة ممن يحتج بتصحيح معاصر لحديث مثل الألباني أو أحمد شاكر) فيه أمران:
أحدهما: أني ذكرت الشيخ الألباني _ رحمه الله _ لكونه أشهر من قال بجواز كشف الوجه للمرأة عند الأجانب ولو كان يرى في هذا الحديث ما يضعفه لبين ذلك لا سيما وهو حجة خصمه.
الثاني: إنما ذكرت الشيخين مع من سبق من المتقدمين والمتوسطين من أهل الحديث لأبين أن تصحيح الحديث قد سبقت إليه وليس رأياً شخصياً، ولكن الخطأ أن يصدر المرء حكماً على حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويرده برأي خاص لم يسبق إليه؛ بل والجزم بعدم صحة أي حديث في الباب، وأنا لا أعلم يقول هذا اللفظ _ لا يصح في الباب شيء _ إلا كبار الأئمة كابن معين الذي كتب بيده ألف ألف حديث أو أحمد الذي يحفظ ألف ألف حديث أو من قاربهم في الحفظ والاستقراء وسبر الروايات، أما أن يأتي متأخر في القرن الخامس عشر ويضعف أحاديث صححها الأئمة ويدعي أنه لا يصح في الباب شيء مع قلة الاستقراء في الكتب المطبوعة فضلاً عن المخطوط فضلاً عن المفقود فهذا مردود.
7 - قولك: (وقد يرى الناشئ كلمة "صحيح" فيظن أنها تصحيح للحديث، وليس كذلك، وإنما هي مرادف لكلمة "صواب")
سبق أخي الكريم الجواب عن الفرق بين قول المحدث (الصحيح رفعه عن فلان) وبين قوله (ورفعه صحيح) فالأول حكم على الراجح في ذلك الوجه والثاني حكم على الحديث ويعرف هذا من قرأ كتب العلل ويمكن مراجعة هذا اللفظ في علل الدارقطني وموازنة ذلك برأي الدارقطني في كتبه الأخرى كالإلزامات والتتبع والسنن وغيرهما وقد سبق ذكر مثالين أحدهما اطلاقه ذلك بما ثبت في الصحيحين والثاني اطلاقه ذلك على ما روي من وجه واحد لا يدخله الترجيح.
¥